للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة. ويقدم مكة في أشهر الحج. فهذا إن ساق الهدي فالقرآن أفضل له. وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل له. فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي. فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ساق الهدي هو وطائفة من أصحابه. وقرن هو بين العمرة والحج ولم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عائشة وحدها. لأنها كانت قد حاضت فلم يمكنها الطواف فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة لأنها كانت متمتعة. ثم إنها طلبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعمرها فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم.

ولم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر. لا في رمضان ولا في غيره. والذين حجوا معه - صلى الله عليه وسلم - ليس فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة إلا عائشة. ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين. والذين استحبوا الأفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية. بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط إلا أن يكون شيئًا نادرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>