لأنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ به أول شئ. كما في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة توضأ ثم طاف. ولأن مقصوده بسفره زيارة البيت. وهو في المسجد الحرام. فلا يشتغل بغيره.
والطواف تحية المسجد الحرام. فالمستحب البداءة به. إلا أن يخاف فوت مكتوبة ونحو ذلك. وقال عطاء: لم يلو على شئ ولم يعرج. ولا بلغنا أنه دخل ولا لهى بشئ. حتى دخل المسجد فبدأ بالبيت فطاف به (فرمل ثلاثا) أي في ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر. وهو في الصحيحين وغيرهما من غير وجه عن أبي عمر وغيره. ولا يثب وثبا لأن ذلك ليس برمل. فإنه إذا فعله لم يكن آتيا بالرمل المشروع. قال الشيخ وابن القيم وغيرهما: الرمل مثل الهرولة وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطأ.
(ومشى أربعا) أي أربعة أشواط بقية سبعة من غير رمل. ولهما عن ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - " أمرهم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا أربعة" ولهما أيضا عن ابن عمر أنه كان إذا طاف بالبيت رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة. ويقول:"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله" والحكمة في ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: "قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مكة فقال المشركون إنه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمى يثرب فأمر أصحابه أن يرملوا الثلاثة، ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم".