العشية فإنه ما رؤي إبليس في يوم هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أغيظ ولا أدحض من عشية عرفة لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر.
وروى أبو ذر الهروي عن أنس مرفوعا إن الله يباهي بهم الملائكة فيقول انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أقبلوا يضربون الحر وفي لفظ مناجين من كل فج عميق فاشهدوا أني قد غفرت لهم إلا التبعات التي بينهم وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما من يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ولأبي داود عن ابن عباس رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات يدعو ويداه إلى صدره كاستطعام المسكين وينبغي أن يأتي بكثير من الأذكار تارة وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأالقران وتارة يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتارة يدعو وتارة يستعيذ وليدع لنفسه ووالديه وأقاربه وأحبابه وسائر من أحسن إليه.
ويكرر الاستعفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الندم بالقلب والتضرع والخشوع والتذلل وإظهار الضعف والافتقار ويلح في الدعاء وينبغي أن يكرر كل دعاء ثلاثا ويفتتح بالتحميد والتمجيد والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويختم بمثل ذلك ويصون نظره ويحفظ لسانه ويترك كل عمل ينافي الخشوع ولأحمد هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له.