للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسلام كل طلب للصلح يعرضه العدو: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) «١» ...

وقد يكون هذا العدو غير مخلص في طلبه هذا أو يقصد به كسب الوقت استعدادا لحرب أخرى، أو يكون يريد أن يخدع المسلمين مبيتا الغدر بهم أو إلحاق الاضرار بمصالحم العليا، ومع كل ذلك يحتم الاسلام النزول عند رغبات العدو السلمية: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ، فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ) «٢» ...

ولست أعلم مبدءا ساميا غير الإسلام يجيز الموافقة على إقرار السلام فورا دون قيد أو شرط بمجرد إقدام العدو على طلب إقراره مهما تكن الظروف والأحوال، ولكن السلام في الإسلام مادة وروح فهو لخير البشر على اختلاف أقطارهم وألوانهم ومللهم ونحلهم، بينما السلام عند أدعياء السلام مادة، لذلك فالسلام في غير الاسلام عرقلة لتسليح غيرهم وزيادة لتسليحهم من جهة، وقتل وسحل وتشريد وتعذيب وفتك بأعدائهم من جهة أخرى.

بل إنّ السلام في الإسلام نور يضيء للناس كافة، والسلام عند أدعياء السلام لا يراد منه إلا نار تحرق وتدمر غيرهم من الناس ... (يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) «٣» .

ومتى انتشرت فكرة السلام الإسلامي في العالم، ساده السلام الحقيقي وانتشرت في ربوعه السعادة والاطمئنان؛ وإلا فسيبقى في حرب باردة تارة وفي حرب دامية تارة أخرى، وستبقى البشرية في هلع دائم من ويلات الفتن والحروب.

لقد كانت خسائر الشعوب في الحرب العالمية الأولى أقل من عشرة ملايين


(١) - الآية الكريمة من سورة الأنفال ٨: ٦١.
(٢) - الآية الكريمة من سورة الأنفال ٨: ٦٢.
(٣) - الآية الكريمة من سورة البقرة ٢: ٩.

<<  <   >  >>