رابعا: أخذ يشجّع أصحابه ويحثّهم على الصبر في القتال.
ط- ولبعث التنافس الشريف بينهم في إظهار البطولة، أخذ الرسول صلّى الله عليه وسلم سيفا بيده، فقال مخاطبا أصحابه:(من يأخذ هذا السيف بحقّه) ؟ فقام اليه رجال، فأمسكه عنهم، حتى قام أبو دجانة سماك بن خرشة «١» فقال:
(وما حقّه يا رسول الله) ؟ فقال الرسول صلّى الله عليه وسلم:(أن تضرب به العدو حتى ينحني) .
وكان أبو دجانة رجلا شجاعا له عصابة حمراء، إذا اعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل، فأخذ السيف وأخرج عصابته الحمراء التي كانوا يسمونها:(عصابة الموت) وعصب بها رأسه، وجعل يتبختر بين الصفين على عادته إذ يختال عند الحرب، فلما رآه الرسول صلّى الله عليه وسلم يتبختر قال:(إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن) .
ي- بهذه الخطة وبهذا الاندفاع كان وضع المسلمين قبل نشوب القتال في (أحد) .
(١) - سماك بن خرشة الخزرجي الساعدي الأنصاري: مشهور بكنيته، أبي دجانة، شهد بدرا وأحدا وجميع المشاهد مع رسول الله (ص) ، وأعطاه رسول الله يوم أحد سيفه، وقال: (من يأخذ هذا السيف بحقه) ؟ فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: (أنا آخذه بحقه) ، فدفعه رسول الله (ص) إليه ففلق به هام المشركين. كان من الشجعان المشهورين بالشجاعة، وكانت له عصابة حمراء يعلم بها في الحرب، فلما كان يوم أحد أعلم بها واختال بين الصفين، فقال رسول الله (ص) : (إن هذه مشية يبغضها الله عزّ وجل إلا في هذا المقام) . وهو من فضلاء الصحابة وأكابرهم له مقامات محمودة في مغازي رسول الله (ص) . استشهد يوم اليمامة بعد ما أبلى فيها بلاء عظيما، وكان لبني حنيفة باليمامة حديقة يقاتلون من ورائها فلم يقدر المسلمون على الدخول إليهم فأمرهم أبو دجانة أن يلقوه إليها ففعلوا فانكسرت رجله فقاتل على باب الحديقة وأزاح المشركين عنه ودخلها المسلمون وقتل يومئذ، وقيل بل عاش حتى شهد صفين مع علي. أنظر التفاصيل في طبقات ابن سعد ٣/ ٥٥٦، والإصابة ٧/ ٥٧، التسلسل ٣٧١، وأسد الغابة ٢/ ٣٥٢، والاستيعاب ٢/ ٦٥٢، التسلسل ١٠٦١.