للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد رفض عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن يطوف بالبيت العتيق وحده دون المسلمين، وهو الذي كان في شوق غامر لهذا الذي دعته إليه قريش طائعة مبادرة، مما يدل على تشبعه بالضبط المتين، فلا يفعل شيئا حتى إذا صادف ذلك الشيء هوى في نفسه، إلا إذا تلقى أوامر قائده صريحة واضحة.

وهو- فوق ذلك- يدل على تشبعه بروح الجماعة وخضوعه لمصالحها العليا، ونبذ مصالحه الذاتية وراءه ظهريا.

وتدافع عكرمة وصحبه الماء وهم في الرمق الأخير، يدل على الإيثار بأروع صوره في أحرج الظروف والأحوال.

وموقف الخنساء عند علمها باستشهاد أولادها الأربعة وهي شيخ رهمة يدل على التضحية بأغلى وأعز شيء في الحياة من أجل المبدأ والعقيدة.

وقولة خالد بن الوليد بعد عزله، تدل على أنه لم يكن يجاهد في سبيل أمجاد شخصية ولا مصالح ذاتية، بل كان يجاهد في سبيل إعلاء كلمة الله.

وكل تلك المواقف، تدل بوضوح، على الإصرار الفذ والعزم الأكيد، على التضحية بكل غال ورخيص، وبكل ما في الدنيا من متاع، من أجل مجد الإسلام.

ب- فما معنى إرادة القتال إذن؟

هي الرغبة الأكيدة في الصمود والثبات في ميدان القتال من أجل مثل عليا وأهداف سامية، وإيمان لا يتزعزع بهذه المثل والأهداف. وثقة بأنها أحب وأعز وأغلى من كل شيء في الحياة، وتحمل أعباء الحرب بذلا للأموال والأنفس واستهانه بالأضرار والشدائد وصبرا في البأساء والضراء وحين البأس، حتى يتم تحقيق تلك المثل العليا والأهداف السامية، مهما طال الأمد وبعد الشوط وكثر العناء وازدادت المصاعب وتضاعفت التضحيات.

<<  <   >  >>