يتيما معدما: استمر يأكل نفس النوع البسيط من الطعام ويلبس نفس الرداء الساذج ويسلك في كل تفاصيل حياته نفس البساطة التي اعتادها في أيامه الأولى.
حقا إنه كان يمتلك نفسية لا تتبدل!
وسبق النظر:
المخيلة التي تحسب حساب كل شيء أو سبق النظر أو بعد النظر كلها تعني ضرورة تفكير القائد في كل الاحتمالات القريبة والبعيدة، وإدخال أسوأ الاحتمالات في حسابه، وإعداد الخطط لكل موقف محتمل، حتى يمكن تطبيق تلك الخطط عند الحاجة دون تردد ولا ارتباك.
لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتحلى بمزية سبق النظر في كل أعماله العسكرية وغير العسكرية، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى.
أصرّ الرسول صلّى الله عليه وسلم على قبول شروط هدنة (الحديبية) ، لأنه فكّر وسبق النظر، فعرف بفكره الثاقب أن قبول هذه الشروط نصر للمسلمين؛ فهي تهيىء لهم الاستقرار، وقد رأينا أنّ هذا الاستقرار جعل جيش المسلمين يصبح عشرة آلاف مقاتل في فتح مكة، وكان ألفا وأربعمائة في غزوة (الحديبية) قبل سنتين.
وكانت كل الدلائل تبشّر باستسلام قريش يوم الفتح، ومع ذلك اتخذ الرسول صلّى الله عليه وسلم كل التدابير الممكنة لمعالجة أسوأ الاحتمالات، فقسّم قواته الى أربعة أرتال، ودخل مكة من جهاتها الأربع بتشكيلات «١» القتال، حتى تستطيع قواته القضاء على كل مقاومة بكل سهولة دون أن تباغت من جهة غير متوقعة، فتكون العاقبة شرا على المسلمين وإحباطا لمحاولات النبي صلّى الله عليه وسلم السلمية.