لقد كان الرسول صلّى الله عليه وسلم متواضعا حليما، رءوفا، رحيما؛ ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يرفع صوته فوق صوت النبي صلّى الله عليه وسلم، ولا يستطيع أحد أن يديم النظر الى وجهه المنير، ولا يستطيع أحد أن يرد له أمرا أو يتردد في تنفيذه.
إن أسباب قوة شخصية الرسول صلّى الله عليه وسلم، هي محبته للناس جميعا، ورغبته الشديدة في خيرهم وهدايتهم، وخلقه العظيم.
تقول كتب علم النفس الحديث:(إن الذين يعملون على إفادة أكبر جزء ممكن من المجتمع الانساني، يعتبرون أرقى الشخصيات جميعا، وهم في الغالب أقربها الى درجات التكامل.
(إن درجة تكامل الشخصية تتناسب تناسبا (طرديا) مع اتساع دائرة المجتمع الذي يرمي الفرد الى إسعاده، فأقلها تكاملا التي يسعى صاحبها فقط لإسعاد ذاته، إذ لا بدّ من أن تتعارض نزعاته الذاتية مع نزعاته الاجتماعية في تحقيق غايته الذاتية.
(ويليها من يسعى صاحبها لإسعاد أسرته وأولاده، ثم يليها من يعمل صاحبها على إسعاد أقاربه ويليها من يعمل على إسعاد هؤلاء وأصدقائه، ويليها من يعمل لإسعاد أهل بلده أجمعين.
(وهكذا الى أن تصل الى من همّه الأول والأخير إسعاد المجتمع بأوسع معانيه، وهنا قد نصل الى مرحلة ربما تبدو (مجرّدة) كالبحث عن الحقيقة ومناصرة العدل وخدمة المجتمع) .
هذا نص ما تقوله كتب علم النفس الحديث. أرأيت كيف أنها تقرّر استبعاد إمكان أن يكون هناك إنسان همّه الأول والأخير إسعاد البشر؟
إن الرسول صلّى الله عليه وسلم فعل ذلك، بل فعل أكثر من ذلك، ومن حق هؤلاء العلماء أن يستبعدوا إمكان وجود إنسان مثالي، كان همّه إسعاد الناس بل إسعاد