للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في شبابه من سيرة التواضع والاحتشام وطهارة الخلق- على صورة نادرة الوجود بين المكّيين) . ثم يعود فيقول: (وبما وهب له من عقل راجح وذوق رفيع وحرص دقيق وعمق في التأمل، عاش منطويا على نفسه طويلا، متخذا من تأملاته العقلية- دون ريب- شاغلا لوقت الفراغ الذي كان يقتله غيره- من ذوي الطابع الخسيس- باللهو السمج والفجور الماجن والسلوك الخليع. وقد وقع خلق ذلك الشاب القويم ومسلكه الورع والعفّ موقع الحمد والثناء من قلوب قومه جميعا وبإجماعهم عن طيب خاطر نال لقب: (الصادق الأمين) .

ويقول: (ولم يولع محمد بالثراء أبدا ولم تبد منه هذه الظاهرة في أية فترة من فترات حياته الرتيبة الهادئة الوادعة على جلبة الرحلة وضوضاء التجارة وهموم السفر، ولم يكن محمد ليفكر أبدا من تلقاء نفسه في مثل هذه الرحلة، ولكن ما أن اقترح عليه ذلك حتى استشعر نفسه الكريمة على الفور ضرورة البذل لما في وسعه من جهد مساعدة لعمه) .

ويقول واشنجتون آرفنج «١» عنه: (كانت طباع الرسول هادئة متلائمة، وكان يمرح أحيانا ولكنه كان في معظم الأحوال جادا، وإن كانت له ابتسامة خلابة. كانت جميع تصرفات الرسول تدل على رحمة عظيمة، وكان سريع البديهة، قوي الذاكرة، واسع الأفق، عظيم الذكاء. كان الرسول عادلا، فكان يعامل الأصدقاء والغرباء والأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء على قدم المساواة، وكانت عامة الناس تحب الرسول، إذ كان يحسن استقبالهم ويستمع الى شكواهم، كان حسن الطباع حليما رحيما صبورا) .

كانت حياته لا سيما في فجرها المبكر، تتميز بالحنو والعطف على اليتيم والفقير والأرمل والبائس والضعيف والرقيق، ولم يذق الخمر أبدا ولم يلعب الميسر ...


(١) - الحق هو انني لا أحب أن أستشهد بأقوال المستشرقين وغيرهم لإثبات عظمة النبي (ص) ، ولكنني اضطررت الى إيراد هذين المثالين، لأن هذين الكاتبين غير مسلمين، والفضل ما شهدت به الأعداء.

<<  <   >  >>