وصل بقواته الى (الحديبية) ، وبقي هناك مصرا على (مقصده) هذا، فأفسح المجال للمفاوضات. وعندما هاجم قسم من المشركين معسكر قواته وألقى المسلمون القبض على المهاجمين، أطلق سراحهم دون أن يلحق بهم أذى.
وبقي مصرا على (مقصده) في عدم محاربة قريش، وفي إظهار نياته السلمية، حتى تمّ له عقد صلح الحديبية، على الرغم من تذمّر قسم من أصحابه من هذا الصلح.
إن الرسول صلّى الله عليه وسلم كان (يختار مقصده) بدقة تامة ولا ينساه أبدا في كل أعماله العسكرية وغير العسكرية.
ثانيا- التعرّض «١» :
يمكن اعتبار كل غزوات الرسول صلّى الله عليه وسلم تعرضية ما عدا غزوتي (أحد) و (الخندق) ، إذ أن المشركين هم الذين حشدوا قواتهم في منطقة المدينة وتعرضوا بالمسلمين.
لقد استطاع الرسول صلّى الله عليه وسلم بشتى الأساليب الحصول على المعلومات عن نيات أعدائه قبل وقت مناسب، وبذلك استطاع أن يتعرض بأعدائه ويقضي على نياتهم العدوانية.
إن التعرض ليس معناه التحرّش، بل معناه: الروح الهجومية التي يتحلى بها القائد، لأن الدفاع وحده لا يؤدي الى النصر الحقيقي بل الى نصر موضعي فقط في حالة نجاحه، أما التعرض فيؤدي في حالة نجاحه الى النصر.
ومن المهم أن نذكر هنا، أن مبدأ (التعرض) التي طبقه الرسول صلّى الله عليه وسلم، كان دفاعا عن الإسلام، وحماية للدين الحنيف، وحرصا على حرية نشره، ولغرض إقرار السلام، وبذلك طبق المبدأ التعبوي القائل: إن التعرض هو أفضل وسيلة للدفاع.
(١) - التعرض: هو الهجوم على العدو لسحقه، ولا يتم الحصول على النصر إلا بالتعرض وحده.