حتى تكون كلمة الله هي العليا؛ وفي سبيل الدفاع عن عقيدتهم التي آمنوا بها كل الإيمان، تركوا أوطانهم وأموالهم وعرّضوا أنفسهم للخطر، وقاتلوا حتى أولادهم وأهليهم وعشيرتهم.
لقد بذلوا كل شيء رخيصا في سبيل الدين الذي اعتنقوه.
التقى الآباء بالأبناء والإخوة بالإخوة والأهل بالأهل: خالفت بينهم المبادىء ففصلت بينهم السيوف.
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع المسلمين، وكان ابنه عبد الرحمن مع المشركين. وكان عتبة بن ربيعة مع قريش، وكان ابنه حذيفة مع المسلمين.
وعندما استشار النبي صلّى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مصير أسرى (بدر) ، قال عمر:(أرى أن تمكني من فلان، قريب عمر، فأضرب عنقه، وتمكّن عليا من أخيه عقيل بن أبي طالب فيضرب عنقه، وتمكن الحمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين) .
ولما سحبوا جثة عتبة بن ربيعة الذي قتل يوم (بدر) لتدفن في القليب، نظر الرسول صلّى الله عليه وسلم الى ابنه حذيفة بن عتبة فاذا هو كئيب قد تغيّر لونه. فقال له:(يا حذيفة! لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء) ؟ ...
قال حذيفة رضي الله عنه:(لا والله يا رسول الله فما شككت في أبي ولا في مصرعه، ولكني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك للاسلام؛ فلما رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له، أحزنني ذلك) .
وفي غزوة بني المصطلق، حاول عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين أن يثير الفتنة بين المهاجرين والأنصار، فأصدر الرسول صلّى الله عليه وسلم أمره بالحركة فورا حتى