للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن نتيجة غزوة (تبوك) اندحار معنوي للروم، وبذلك اطمأن العرب الى أن بإمكانهم مقاتلة الروم، وكانوا سابقا يظنون أن ذلك من المستحيلات.

لقد استهدف الرسول صلّى الله عليه وسلم في كل غزواته تحطيم معنويات أعدائه، بل إنه كان يستهدف تحطيم المعنويات أكثر مما كان يستهدف تحطيم القوى المادية، لأنه كان يطمع دائما في عودة أعدائه الى الصراط المستقيم والهداية، فيحرص على بقائهم أحياء طمعا في هدايتهم: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) .

إن أكثر غزوات الرسول صلّى الله عليه وسلم كانت معارك معنويات تؤثر في النفوس والقلوب لا معارك خسائر تؤثر على الأرواح والممتلكات.

ويجب ألا ننسى هنا أثر اعتقاد المسلمين بالقضاء والقدر في رفع معنوياتهم لاقتحام الأخطار بشجاعة خارقة، لأن المقدّر سيكون حتما والشهيد في الجنة، وإنما هي إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا) «١» .

ج- ضبط متين:

كان المسلمون يطيعون النبي صلّى الله عليه وسلم إطاعة لا حدود لها، وينفّذون أوامره حرفيا بدون تردّد وبكل حرص وأمانة مهما تكن ظروفهم صعبة وواجباتهم شاقة.

وليس هناك ما يبرّر ذكر أمثلة على قوة ضبط المسلمين، لأن الأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، ولأن الإطاعة في الإسلام دين: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) «٢» .


(١) - الآية الكريمة من سورة التوبة ٩: ٥٢.
(٢) - الآية الكريمة من سورة النساء ٤: ٥٩.

<<  <   >  >>