المسلمون سيرته، ويتّبعون في الحروب نهجه وسنته، إذا لم يكن لفنه الحربي الأصيل ومواهبه العسكرية النادرة، الأثر العظيم في ظفره ونصره؟ إن الخوارق كانت إيذانا للنبي صلّى الله عليه وسلم بأن الله معه لا يتخلى عنه، حتى يشحذ همته ويثير عزيمته، وينبهه بكل ما فيه من حواس اليقظة والحذر إلى أعدائه المحاربين.
ولست أحاول في هذا الكتاب أن أعرض لهذه الخوارق والمعجزات التي أيد الله بها نبيه وثبت رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، فذلك أمر يؤمن به كل مسلم، وقد أثبته القرآن الكريم بما لا يدع فيه مجالا لشك أو ريبة، وإنما أريد أن أبرز للعيان سمات قيادة الرسول صلّى الله عليه وسلم التي يمكن أن تكون أسوة حسنة في الحروب لأتباعه.
لقد عمل الرسول صلّى الله عليه وسلم بكل مبادىء الحرب المعروفة، بالإضافة الى مزاياه الشخصية الأخرى في القيادة، لهذا انتصر على أعدائه، ولو أغفل شيئا من الحذر والحيطة والاستعداد، لتبدّل الحال غير الحال، ولكن الله سلّم.
لماذا كان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها؟ ولماذا كان يأخذ بمبدأ:«الحرب خدعة» ؟
ماذا كان يحدث لو تردّد قبل معركة (بدر) ، عندما رأى المشركين متفوّقين على أصحابه بالعدد والعدد؟
ماذا كان يحدث لو استسلم لليأس في معركة (أحد) بعد أن طوّقته قوات المشركين المتفوّقة من كل جانب؟
ماذا كان يحدث لو ضعفت مقاومته للأحزاب في غزوة الخندق، وبخاصة بعد خيانة يهود، حين أصبح مهددا من خارج المدينة المنوّرة ومن داخلها؟
ماذا كان يحدث لو لم يثبت الرسول صلّى الله عليه وسلم مع عشرة فقط من آل بيته والمهاجرين بعد فرار المسلمين في غزوة (حنين) ؟