للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كيف نفسّر إصابة الرسول صلّى الله عليه وسلم بجروح خطرة في معركة (أحد) ، فقد كسرت رباعيّته «١» وشجّ في جبهته حتى سال الدم على وجهه الكريم، عندما خالف الرماة أمره وتركوا مواضعهم لجمع الغنائم، فخسر سبعين من أبطال المسلمين في هذه المعركة؟

وأي استعدادات بلغت من الإحكام والدقة في التفاصيل، ما بلغته استعدادات الرسول صلّى الله عليه وسلم لتجهيز جيش العسرة «٢» ؟

ولماذا تصلي طائفة من المسلمين في ساعات القتال، وتأخذ طائفة أخرى أسلحتها حذرا من مباغتة العدو؟

لماذا كل هذا الحذر الشديد والاستعدادات الدقيقة، إذا كان انتصار الرسول صلّى الله عليه وسلم بالخوارق غير العادية لا بالأعمال العسكرية والمواهب الحربية؟

إن النصر من عند الله، ما في ذلك شك، ولكنّ الله لا يهب نصره لمن لا يعدّ كل متطلبات القتال.

إنّ المسلم حقّا، هو الذي يقدّر الرسول صلّى الله عليه وسلم حق قدره، فيعترف بأن كفاية الرسول صلّى الله عليه وسلم قائدا متميّزا، وكفاية أصحابه جنودا متميزين، هي التي أمّنت لهم النصر العظيم.

أما أن نستند على الخوارق وحدها في الحرب، ونجعلها السبب المباشر لانتصار المسلمين، فذلك يجعل هذا النصر لا قيمة له من الناحية العسكرية،


(١) - الرّباعية: السن بين الثنيّة والناب، وهي أربع: رباعيتان في الفك الأعلى، ورباعيتان في الفك الأسفل.
(٢) - جيش العسرة هو الذي خاص غزوة تبوك كما سيرد ذلك في محله.

<<  <   >  >>