للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالإضافة الى أن ذلك غير منطقي وغير معقول: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) «١» .

إن أعمال الرسول صلّى الله عليه وسلم- ومنها العسكرية- سنّة متبعة في كل زمان ومكان، فهل يبقى أتباعه ينتظرون الخوارق لينتصروا على أعدائهم، أم يعدّون ما استطاعوا من قوة، كما قرر القرآن الكريم، لينالوا هذا النصر؟

إن سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم العسكرية، تثبت بشكل جازم لا يتطرّق إليه الشك، أن انتصاره كان لشجاعته الشخصية وسيطرته على أعصابه في أحلك المواقف، ولقراراته السريعة الجازمة في أخطر الظروف، ولعزمه الأكيد في التشبث بأسباب النصر، ولتطبيقه كل مبادىء الحرب المعروفة في كل معاركه، تلك العوامل الشخصية التي جعلته يتفوّق على أعدائه في الميدان، ولو لم تكن تلك الصفات الشخصية المدعومة بقوة الإيمان بالله، لما كتب له النصر.

يمتاز الرسول صلّى الله عليه وسلم عن غيره من القادة في كل زمان ومكان بميزتين مهمتين:

الأولى، أنه كان قائدا عصاميا. والثانية، أن معاركه كانت للدفاع عن الدعوة ولحماية حرية نشر الإسلام ولتوطيد- أركان السلام لا للعدوان والاغتصاب والاستغلال.

إن غيره من القادة العظام وجدوا أمما تؤيدهم وقوات جاهزة تساندهم؛ ولكن الرسول صلّى الله عليه وسلم لم تكن له أمة تؤيده، ولا قوات تسانده، فعمل على نشر دعوته، وتحمّل أعنف المشقات والصعاب، حتى كوّن له قوة بالتدريج ذات عقيدة واحدة وهدف واحد، هو التوحيد وإعلاء كلمة الله.


(١) - الآية الكريمة من سورة الأنفال ٨: ٦٠.

<<  <   >  >>