لقافلته العزلاء إلا من ثلاثين أو أربعين رجلا، استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه مسرعا الى مكة ليستنفر قريشا الى أموالهم، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه.
وصل ضمضم الى مكة، فقطع أذن بعيره، وجدع أنفه وحول رحله، ووقف هو عليه وقد شقّ قميصه من قبل ومن دبر، وجعل يصيح:(يا معشر قريش! اللطيمة اللطيمة «١» ! أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ... لا أرى أن تدركرها. الغوث الغوث ... ) .
ولم تكن قريش في حاجة الى من يستنفرها، فقد كان لكل فرد منها في العير نصيب.
ولما فرغت قريش من جهازها وأجمعت المسير، ذكرت ما كان بينها وبين بني (كنانة) من الحرب والحزازات، فخشوا أن تضربهم (كنانة) من الخلف، وكاد هذا المحذور يقعدهم عن الخروج لولا أن جاء مالك بن جشعم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة، فقال:(أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه) ...
إذ ذاك قررت قريش الخروج خاضعة لرأي دعاة الحرب وعلى رأسهم أبو جهل، أشد الناس عداوة للمسلمين، وعامر بن الحضرمي أخو عمرو بن الحضرمي الذي قتله المسلمون في (نخلة) والذي يحرص على الأخذ بثأره.
ولم يتخلّف من أشراف قريش غير أبي لهب الذي أرسل مكانه رجلا آخر، كما حشد هؤلاء كل القادرين على حمل السلاح من قريش وحلفائهم.
وسبق أبو سفيان بن حرب قافلته للحصول على المعلومات عن قوة المسلمين