ومواضعهم فلما ورد ماء (بدر) وجد عليه مجدي بن عمرو، فسأله:(هل رأى أحدا من المسلمين) ؟ فأجاب مجدي:(لم أر إلا راكبين أناخا الى هذا التل) ، وأشار الى حيث أناخ الرجلان من المسلمين.
فحص أبو سفيان بن حرب مناخهما، فوجد في روث بعيريهما نوى عرفه في علائف يثرب، فأدرك أن الرجلين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، وأن جيشه منه قريب، فرجع الى القافلة ليغيّر طريقها نحو الساحل، تاركا (بدرا) الى يساره، وأسرع في مسيره حتى بعدت المسافة بين القافلة وبين قوات المسلمين، وأرسل أبو سفيان الى قريش يطلب منهم أن يعودوا أدراجهم الى مكة لنجاة قافلتهم من المسلمين.
وأرسلت قريش عمير بن وهب الجمحي ليستطلع لهم قوة المسلمين، فرجع إليهم ليخبرهم أنهم ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون، ولا كمين لهم ولا مدد، ولكنهم قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، فلا يموت منهم رجل قبل أن يقتل رجلا مثله.
وتضاربت آراء قريش، منهم من يريد الرجوع ومن هؤلاء بنو زهرة الذين رجعوا فعلا، ومنهم من يريد البقاء، ومعنى ذلك الاصطدام بالمسلمين.
قال أبو جهل زعيم الذين أرادوا البقاء لقتال المسلمين:(والله لا نرجع حتى نرد (بدرا) ، فنقيم عليه ثلاثة ننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا؛ فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها) .
وقصد حكيم بن حزام عتبة بن ربيعة فقال:(يا أبا الوليد! إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها. هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير الى آخر الدهر) ؟