للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتيها «١» . وقال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إذ وقف عليه حين رآه في ميدان المعركة يوم أحد، وهو منجعف (مصروع) على وجهه شهيدا «٢» ، بعد أن استشهد، وكان لا يملك غير بردة (نمرة) لا تكفيه غطاء، إذا غطّي رأسه خرجت رجلاه وإذا غطيت رجلاه خرج رأسه «٣» ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك: «لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أرقّ حلّة ولا أحسن لمة منك، ثم أنت (اليوم) شعث الرأس في بردة» «٤» .

دقق في حياته، أسلم بعد ذلك الترف كله، الذي كان يتمناه الآخرون، إعجابا بجماله ومكانته وغناه، حرم وسجن ثم هاجر إلى الحبشة الهجرتين وعاد إلى مكة متابعا جهاده. «كان من فضلاء الصحابة وخيارهم، ومن السابقين إلى الإسلام. أسلم ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في دار الأرقم، وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه، وكان يختلف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرا، فبصر به عثمان بن طلحة العبدري يصلي، فأعلم أهله وأمه، فأخذوه وحبسوه، فلم يزل محبوسا إلى أن هاجر إلى أرض الحبشة، وعاد من الحبشة إلى مكة، ثم


(١) نفسه.
(٢) أسد الغابة، (٥/ ١٨٣- ١٨٤) . طبقات ابن سعد، (٣/ ١٢١) .
(٣) أخرجه البخاري (رقم ١٢١٧، ورقم ٣٨٥٤) عن خباب بن الأرت، قال: (هاجرنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ونحن نبتغي وجه الله، فوجب (فوقع) أجرنا على الله، فمنا من مضى أو ذهب، لم يأكل من أجره شيئا كان منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد فلم يترك إلا نمرة (بردة- ثوبا) ، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطيّ بها رجلاه خرج رأسه. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر» . أو قال: «ألقوا على رجليه الإذخر» . ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها) . البردة: كساء صغير مربع، وقد يكون مخطط، يلتحف به. جمعها: برد وبرد (أما البريد، فجمعها: برد) . النمرة: كساء فيه خطوط بيض وسود، جمعها: نمار. يهدبها: يجتنيها ويقطفها. انظر: الاستيعاب، (٤/ ١٤٧٥) . مغازي الواقدي، (١/ ٣١٠) . أسد الغابة، (٥/ ١٨٣) . سير أعلام النبلاء، (١/ ١٦٤- ١٤٨) . سيرة ابن هشام، (٣/ ٦٤، ٩٨، ١٦٤) . طبقات ابن سعد، (٣/ ١٢١) .
(٤) مغازي الواقدي، (١/ ٣١١) . قارن: طبقات ابن سعد، (٣/ ١١٧) .

<<  <   >  >>