للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكن على ذلك القول: إن هذه الصورة مستمرة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. صورتان متقابلتان، كأنهما واحدة: صورة الصحبة وصورة القدوة والأسوة. فطوال العصور الإسلامية عاصر المسلمون الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم وصاحبوه.

الصحابة الكرام- رضوان الله عليهم- صاحبوه صحبة زمانية ومكانية، روحية ونفسية، وتلقوا عنه سماعا ورؤية ورواية، ففازوا بشرف الصحبة الذي لا شرف غيره بعده يدانيه، ويعلي هذه الصحبة وشرفها الإسلام الذي كانت به هذه الصحبة وشرفها الرفيع الفريد.

ولقد جاء في صحيح البخاري قول الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم: «لا تسبّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» «١» .

وهي جزء من شرف الإسلام كله لا يصح بدونه، والذين أتوا من بعدهم صاحبوه صلّى الله عليه وسلّم صحبة عملية، صاحبوه في سيرته صلّى الله عليه وسلّم علما وعملا وتأليفا في السيرة والسنة، يفهمون الكثير من أمور القرآن من خلالها، كما يفهمون السيرة من خلال القرآن الكريم. فهما طريقان متعاونان متعانقان ملتقيان.

يؤدي كل منهما إلى الآخر، توافقا وتطابقا وتكاملا «٢» .

[* وضوح أحداث السيرة:]

ولعل من لطف الله تعالى: أن حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل النبوة، كانت


(١) التفسير، (٣/ ١٥٧٥) ، (٦/ ٣٤٨٤) . رواه البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا» ، رقم (٣٤٧٠) ، (٣/ ١٣٤٣) . ومسلم: أرقام (٢٥٤٠- ٢٥٤١) . كذلك. زاد المعاد، (٣/ ٤١٦) . سيرة ابن هشام، (٣/ ٤٣١) . وسبق ذكره.
(٢) هذا الموضوع بحاجة إلى بحث مستقل نجد في كثير من كتب السنة المطهرة والحديث الشريف مادة طيبة عن السيرة الشريفة. انظر: السيرة النبوية، أبو شهبة، (١/ ٢٧) .

<<  <   >  >>