للعناية بالسيرة النبوية الشريفة، كتابة ودراسة وتدريسا، والمرجو ألّا يكون ذلك- وأمثاله جد كثر- تخديرا وتدويرا وتحريرا، ليكون أبعد من سراب.
والطاهر أنه لا يعدو ذلك- وهو ما انتهت إليه فعلا، بل قد يزيد في الواقع المشهود- حيث إنّ هذا التأميل مضى عليه ما يقارب من خمسة عشر عاما أو يزيد.
* السيرة وجيل الصّحابة:
ودراسة السّيرة تظهر روعة المجتمع المسلم؛ الذي تربى جديّا بكتاب الله تعالى، على يدي صاحب السّيرة الشّريفة صلّى الله عليه وسلم وعليها.
وإنك لتدرك أنّ ذلك الجيل كان متميّزا متفرّدا، جديدا على كلّ أحد غيره، بل وعلى نفسه وأهله وكل من حوله، وواجد ذلك فيهم، ليس في مواقف فردية أو شخصيات معدودة فحسب، لكن تجده لكلّ منهم عمل اليوم والليلة، وتجد مجموع الأمة كذلك في جيل كامل، نساء ورجالا، شيوخا وأطفالا.
ولكنّ هذا العمل الجماعي والاشتمالي للجيل، وثباته على ذلك المنهج- بعد البناء الفردي- كان ثمرة هذه التربية الفردية المستقلة المترابطة المتعادلة المتقنة المعميقة الأصيلة، بمنهج الله ودعوته وبيدي الرسول صلّى الله عليه وسلم وسنّته وسيرته. وفي ظلال سيرته المحفوظة الباقية بين أيدينا- بكلّيتها وشمولها ودقائقها- مصورة، بشكل رائع مشهود. ومن ذلك التّربّي الفردي، قام المجتمع، نتيجة لابتناء الفرد لها، والتربية المتفاعلة العميقة، وفي الممارسة الميدانية مع تعاليم القرآن الكريم، يرعاها هادي الإنسانية وحاديها رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
فإنّ التربية في المعترك والميدان، تصفّي النفس والفهم والاتجاه، وتركّز قوة النفس والنية والخلوص لله تعالى، وتجعل المسلم مجاهدا في كلّ ميدان، وهو صاحب التّبعات. والمؤمنون هم بناة الحياة، يعطونها المعنى