للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورسم النماذج الفذة للحياة الكريمة السعيدة- دنيا وأخرى- تبقى مثالا للأجيال.

وهي تبين كذلك هذا السلوك العملي- المشارك من الجميع- في هذه الحادثة وغيرها، هو مقتضى الأخذ بهذا الدين. وهكذا يتم بناؤه ويكون إعلاؤه وتثبيت شواهده وأعلامه وأفهامه في الحياة لتكون القدوة والمثال والدليل على الطريق، وليس غيره طريق، وهي من معالم الطريق، الطريق الوحيد المنير. ولكن هل يمكن إدراك أي شيء من ذلك إلا بهذا الدين؟ ذلك هو ما على مسلمة اليوم إدراكه والأخذ بأسبابه والعض عليها بالنواجذ. وهذا ما تهدف إليه كتابة هذه السيرة الشريفة.

* تفقد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أصحابه وحبّهم له:

كان صلّى الله عليه وسلّم يتفقد أصحابه الكرام دوما- رضي الله عنهم- بعد الصلوات وغيرها ولا سيما بعد صلاة الصبح، «وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا صلّى الصبح انصرف، فيتصفح وجوه أصحابه ينظر إليهم» «١» . كما جرى لعبد الله ذي البجادين المزني، الذي أسلم بعد فتح مكة، والذي جرّده عمه- وكان في حجره- من كل شيء، حتى جرده من ثوبه، بسبب إسلامه، فلم يأبه لذلك. فأتى أمه فقطعت بجادا لها باثنين، فاتّزر نصفا وارتدى نصفا، ثم أصبح فصلى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصبح. فلما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تصفح الناس ينظر من أتاه- كان صلّى الله عليه وسلّم يفعله دوما- فرآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «من أنت؟» قال: أنا عبد العزى، فقال: «أنت عبد الله ذو البجادين، فالزم بابي» ، فلزم باب رسول الله صلّى الله عليه وسلم «٢» . فخرج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في جيش


(١) مغازي الواقدي، (٣/ ١٠١٣، ١٠٢٨) . كذلك: ٣/ ٢٢٨) .
(٢) أسد الغابة، (٣/ ٢٢٨) . «والبجاد» : الكساء الغليظ الجافي. سيرة ابن هشام، (٣/ ٥٢٧- ٥٢٨) .

<<  <   >  >>