للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكرر الإجراآت- وبإصرار وعناد ومتابعة- لقتل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم يقع أسيرا بين يدي سرية لمسلمين لم تكن تعرفه، فلما جاءت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقيّده في المسجد- وأبقاه فيه أياما- لعله ليرى نوعية المجتمع المسلم الذي يحاربه، ويعدّ العدّة لقتل نبيه صلّى الله عليه وسلم؛ ووكل به من يسقيه ويطعمه، بل وحتى من ناقته صلّى الله عليه وسلم، ثم أطلقه بدون أي شرط ولا مقابل ولا تكليف. وكان من أمره أن أسلم، ثم واجه قريشا في مكة لعداوتها للإسلام ورسوله صلّى الله عليه وسلم، وقاطعهم، وحاصرهم اقتصاديا، حتى فكّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم حصار مكة، وقريش ما زالت في حالة حرب مع الإسلام، ونبيه صلّى الله عليه وسلّم وأهله.

[* الإسلام شفاء وبناء:]

وكم واجهت المسلمين بعد الهجرة أمور ومشكلات، كان بعضها كافيا لتعويقها وإيقافها، وربما لتفتيتهم، ولكن بهذا الإيمان بشرع الله تعالى حلّت كلها. وما تمت من أمور كانت لذلك عنوانا، فانظر في المؤاخاة «١» ، كيف أظهرت معاني الإسلام بشكلها العملي الناصع، ممارسة ومظاهرة. وهؤلاء رغم قلّتهم، وقلّة إمكانياتهم، حملوا رسالتهم في مجتمعهم، وانطلقوا بها إلى الناس.

فالمسلم يحمل رسالته إلى العالم، لا يبالي أن يواجه الصعاب والأعداء بكل وسائلهم، وهم لا تهمّهم الوسيلة، ولا بدّ للمسلم أن يعرف ذلك، يعرف سبيل الأعداء مثلما يعرف سبيل الإيمان. والمسلمون في كل ذلك يقتدون برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عصره وما تلاه من عصور، ينظرونها، ويمرّرونها أمامهم في كل شأن وأمر. فهو القدوة والأسوة والإمام والحادي والقائد والرائد والمرشد، فإذا ما نالهم شيء فقد ناله أكثر.


حتى انتهت تلك الأحداث، ثم توفي بعيد ذلك رضي الله عنه وأرضاه، ورحمه.
(١) انظر: أعلاه، ص ٣٠٣- ٣٠٥، ٣١٠- ٣١١، ٣٤٥- ٣٤٧.

<<  <   >  >>