للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[* أجواء السيرة العبقة:]

في هذه الأجواء العبقة الندية الرخية بايات الله تعالى ووحيه ورعايته لأهل دعوته، كان صلّى الله عليه وسلم يربي الصحابة الكرام، مما علمه الله وأوحاه إليه وأعدّه له. ويأخذ بأيديهم- حسب أحوالهم واستعدادهم ونوعياتهم- إلى الأرقى والأعلى والأوفى، في سلّم الإسلام والقرب من الله تعالى ورضاه، برفق وحكمة ودراية بهم. وكان صلّى الله عليه وسلّم يتولى ذلك وهم يتربون على مائدة القرآن الكريم وينهلون من ينبوعه الصافي الزّلال المثال وبه يرتقون، مقتدين برسول الله صلّى الله عليه وسلم.

فكانت مجرد الإشارة تكفيهم للقيام بكل عمل وواجب ومهمة، مهما كانت شاقة وبالإشارة، بل لمجرد معرفتهم أو ملاحظتهم أو إحساسهم بتوجيه الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم في أي أمر من الأمور أو برغبته أو تفضيله له. فإن ذلك يقربهم إلى الله أكثر وبه يحصلون على رضاه سبحانه وتعالى وبالجنة، يستجيبون له، بجد وفرح وإقبال.

فانظر إلى عبد الله بن عمر، ما إن سمع قول النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي بالليل» «١» ، فكان لا ينام من الليل إلا قليلا (يتهجد) ، حتى وفاته (رضي الله عنه) .

[* الصحابة وسبل الارتقاء:]

وكان صلّى الله عليه وسلّم دوما يأخذ بأيديهم ويرتقي بهم، يسألهم أو يسألونه، بعد ما


(١) رواه البخاري، رقم (٣٥٣٠) ، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أخته حفصة بنت عمر بن الخطاب (رضي الله عنهم) أم المؤمنين (زوج الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم) . انظر كذلك: سير أعلام النبلاء، (٣/ ٢١٠) . أسد الغابة، (٣/ ٣٤١) . وكان عبد الله بن عمر يحب ابنه سالما هذا فيلام عليه فيقول (سير أعلام النبلاء، (٤/ ٤٦٠)) :
يلومونني في سالم وألومهم ... وجلدة بين العين والأنف سالم

<<  <   >  >>