في تاريخ البشرية العام أمثلة وفيرة معروفة. وفيما قصه الله تعالى في القرآن الكريم خير بيان، فيه العبرة الواسعة المشهودة، تزوّد الإنسان- في كل جيل- بالخبرة المؤكدة الحقة إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ [آل عمران:
٦٢] . مثلما فيها الأخبار الصادقة كل الصدق. فالقرآن الكريم أصدق مصدر في الوجود، وأصدق كتاب بكل ما فيه وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: ٤١- ٤٢] . فهو الصدق الوحيد: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً [النساء: ٨٧] . وهم الذين عليهم الانتفاع بها، حاضرة أمام الأنظار ماثلة لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [يوسف: ١١١] .
ومنذ خلق الله الإنسان على هذه الأرض جعل الحق والباطل، والصراع بينهما قائم. وكان دوما بين الأنبياء- عليهم السلام- وأتباعهم جبهة واحدة ضد الباطل وكل من قاده واستغواه. والحق يتمثل فقط في اتّباع منهج الله تعالى وحده، والباطل يجتمع فيمن رفضه وعاداه وحاربه.
ويتخذ الباطل صيغا متنوعة، حكاما ومن تابعهم من المحكومين وغير المحكومين من أي مكان، جمعتهم اتجاهاتهم أو منافعهم أو مصالحهم، ومهما كانت دوافعهم وانتما آتهم وتناقضاتهم، مثلما حدث مثلا في معركة الخندق (الأحزاب) في مواجهة الدعوة الإسلامية ومجتمعها ونبيها صلّى الله عليه وسلم، وذلك في شوال السنة الخامسة للهجرة. وقد ذكر القرآن الكريم هؤلاء وهؤلاء مثلما ذكر أقوامهم ومواقفهم وأحداث الاتّباع والامتناع.
أما المحاربون لدين الله، فقد ضرب الله تعالى الأمثلة لها، أفرادا أو أقواما أو شعوبا، ولكن دوما كان النصر للمؤمنين بالله ودعوته، مهما ادعى أولئك وجادلوا وما حكوا وعاندوا.
فالأفراد من أمثال فرعون وهامان وقارون، وثلاثتهم متعاونون على الإثم