للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنه فقلت: نافقت يا أبا بكر! قال: وما ذاك؟ قلت: نكون عند النبي صلّى الله عليه وسلّم يذكّرنا الجنة والنار كأن رأي العين، فإذا خرجنا من عنده عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا، فقال أبو بكر: إنّا لنفعل ذلك. فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فذكرت له ذلك فقال: «يا حنظلة، لو كنتم عند أهليكم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي الطريق. يا حنظلة، ساعة وساعة ... ولو كنتم تكونون كما تكونون عندي لأظلتكم الملائكة بأجنحتها» «١» .

ومثل هذا كان مع أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنّا إذا كنا عندك رقّت قلوبنا وزهدنا في الدنيا ورغبنا في الآخرة، فقال صلّى الله عليه وسلم:

«لو تكونون إذا خرجتم من عندي كما تكونون عندي لزارتكم الملائكة ولصافحتكم في الطريق، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون حتى تبلغ خطاياهم عنان السماء، فيستغفرون الله فيغفر لهم على ما كان منهم ولا يبالي» «٢» . وهذا يشير إلى الآفاق التي يحيا بها الصحابة الكرام وتساميها، يرتقون فيها، بيد الرسول صلّى الله عليه وسلّم يرفعهم إليها بهذا الدين، ليستمروا عليها في حياتهم ما داموا يستمدون منها. وهم دوما يقتدون بهذا النبي الكريم والرسول العظيم صلى الله عليه وسلم. وهذا وحده لا يكون إلا بنبوة ورسالة من الله تعالى إلى خلقه، يحملها من يختاره بحكمته، فاختار محمدا صلّى الله عليه وسلّم واصطفاه ليكون الأسوة الحسنة والقدوة الكريمة لأهل الأرض أجمعين. إنه سيد الأنبياء والمرسلين وقائد البشرية إلى طريق الله المنير.

[* السيرة بناء وارتقاء:]

وكان الصحابة الكرام يترقّون ويرتقون في سلّم الهداية ويرفلون في نعمة


(١) حياة الصحابة، (٣/ ٥٠) ، (٣٢٠) رواه مسلم وآخرون.
(٢) حياة الصحابة، (٣/ ٣٢٠) . وتجد تمام الحديث في مسند الإمام أحمد، ٢/ ٣٠٤- ٣٠٥.

<<  <   >  >>