للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهج الله تعالى، بعد أن أنقذهم الله سبحانه وتعالى بالإسلام من شفا جرف هار، ورفعهم من سفح الجاهلية ومستنقعها ليسمو بهم إلى القمم العالية التي أرادها الله للإنسان بهذا الدين على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم. واقرأ معي- إن شئت- قول الله جلت قدرته وتباركت أسماؤه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران: ١٠٣- ١٠٤] .

ودوما كان الصحابة يذكرون الله تعالى ويشكرونه أن أنقذهم من الجاهلية التي عاشوها «١» ، ليضعهم في أعلى قمة عرفها الإنسان. وهذا لا يتم إلا بالإسلام وحده الذي أنعم الله به عليهم ورعاهم به وأكرمهم وكرّمهم.

ولقد ورد عن ربيعة بن كعب الأسلمي «٢» أنه قال: كنت أبيت عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: «سل» . فقلت: يا رسول الله، أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: «أو غير ذلك؟» . قلت: هو ذاك.

قال: «فأعنّي على نفسك بكثرة السجود» «٣» .

انظر ماذا سأل ربيعة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، سأله لآخرته، والرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم يعرف أن هذا السؤال بحاجة إلى استعداد، لا بد من توفره لمن يسأله، لا مجرد التمني؛ لأن المسلم يحس بمسؤوليته ويقدم لها مستلزماتها ويرتقي


(١) انظر كذلك في وصف تلك الجاهلية: سير أعلام النبلاء، (١/ ٣٨٩) .
(٢) ربيعة بن كعب بن مالك (٦٣ هـ) صحابي جليل من أصحاب الصّفّة (عنهم انظر، أعلاه) ومن أهل المدينة. كان يلزم النبي صلّى الله عليه وسلّم في السفر والحضر، وصحبه قديما. انظر: الاستيعاب، (٢/ ٤٩٤) ، رقم (٧٦٥) . أسد الغابة، (٢/ ٢١٦) ، رقم (١٦٦٠) . الإصابة، (١/ ٥١١) رقم (٢٦٢٣) . تخريج الدلالات السمعية، (٦٩- ٧٠) . حياة الصحابة، (٢/ ٦٠٥) ، (٦٦٩- ٦٧١) . زاد المعاد، (١/ ٢٣٦) .
(٣) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، رقم (٤٨٩) . وانظر: زاد المعاد، (١/ ٢٣٦) . التفسير، (٢/ ٧٠٠) . حياة الصحابة (٢/ ٦٠٥) .

<<  <   >  >>