للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك الجيل الخيّر الذي كان وصفا آحادهم فيه بأنه (كان قرآنا يمشي على الأرض) . وكيف لا يكونون كذلك، وهم الذين قد استحقّوا وصف الله تعالى لهم، ومن ماثلهم من الأجيال بعدهم كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: ١١٠] .

وهذه وحدها هي الخيرية المؤكّدة، وبمواصفاتها الملتزمة.

ثم استحقّوا وصف الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم «خير أمتي (الناس) قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» «١» . وكذلك وصفه صلّى الله عليه وسلم لهم يوم الحديبية: «أنتم (اليوم) خير أهل الأرض» «٢» .

فالقدوة لكلّ أحد متوفرة فيه، مرسومة معالمها، واضحة الدّلالة، قوية الأصالة، مرتبطة ومعبرة أكرم تعبير، ومتّجهة أفضل اتجاه وأصفاه، ومستمدة من الشّريعة الإسلامية أقوم استمداد، ملتزمة إلى أبعد حدود الالتزام، وأعلاه.

يجري ذلك، ويتمّ في إنسانية كريمة مكرمة، ربانية الوجهة مثالية الواقع عالية واعية، رسمتها السيرة النبوية الشريفة، لتتحف بها الإنسان، صورة مثلى، وسيرة عليا، ونموذجا حيّا فريدا، وقدوة متّبعة، يسير اتباعها في ركبها، علهم يقتربون من آفاقها، وابتغاء العيش في أجوائها، وهو ميسّر الأسباب بفضل الله تعالى ومنّته، لمن نوى وأراد.

[* القدوة المثالية الواقعية:]

فكانت سيرة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم رسما قويا، للنبوة الخاتمة، والرسالة الأخيرة الخيّرة الدائمة، والدين الحق اللازم، والصورة الأخيرة للإسلام؛


(١) أخرجه البخاري: كتاب الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جور (رقم: ٥٢٠٨) . كذلك: أعلاه، ٤٧.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب: غزوة الحديبية (رقم: ٣٩٢٣) .

<<  <   >  >>