أندلسيون. والشيخ ولي الله الدهلوي الهندي (١١٧٦ هـ) والإمام المجاهد الشهيد أحمد بن عرفان الهندي (١٢٤٦ هـ) .
فهؤلاء وأمثالهم، من قوافل كثيرة، طوال العصور والأجيال، هم بناة الحياة الكريمة الفاضلة. فكم لهم من وقفة للحقّ ناهضة، وللخير هارعة؛ بذلا للمال وإقداما بالنفس في كل حال. وكم في ذلك من بطولات وفروسيات حقة. وآخرون كثيرون قطّعت أجسامهم فما بدّلوا، وانفصلت أعضاء من أبدانهم فما تركوا ميدانهم، وأثخنت جوانبهم جراحات غائرة، وهم مقبلون وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران: ١٤٦] .
تلك بعض نوادر الذين تربّوا على الإسلام في جوّ السيرة النبوية الشريفة، واغتذوا من ينابيعها الصافية الزّلال، ونموا في أحضانها الحنون، وجلسوا إلى مائدتها الطيبة الزاهية العبقة، في عصرها وما تلاها من عصور، وحتى يومنا هذا وما يتلوه ويتلوه.
والأخيار هم في كل مكان، وهم الأمناء على كل شيء، مما يخصّ هذه الأمة، وهم حماة شريعتها يفتدونها، ويتولون شؤونها، ويرعون أمورها.
[* علماء الموائد:]
أما علماء الموائد والموالد والمصائد أو المناكب أو المصاعب أو المصائب؛ الذين حازوا علما اتّجروا به، بل ونادوا عليه بيعا وشراء، مبخوسا ومنقوصا، وتقرّبوا به إلى حاكم أو سلطان، أو تاجروا به بين الناس؛ الذين يصدرون الفتاوى ويبيعونها، فليسوا بالعلماء المعدودين المؤتمنين الموثوق بهم.
ألا ما أرخصهم، وأرخص الثمن الذي باعوا به علمهم، وادّعوا على الله ما لم ينزّل به سلطانا، في كلامهم ومواقفهم، وفشلوا في سلوكهم الذي أخزاهم في الدنيا مثل الآخرة، ليسوا هم بعلماء، بل هم حلفاء السوء،