العام الذي حمل هذا الاسم، وأضحى تاريخا- عند العرب قبل الإسلام- شهيرا، بحدث غير اعتيادي، استمروا يذكرونه ويتذكرونه مع استعماله وبدونه؛ ولذلك أهمية كبرى، ولعل فيه حكمة. على أن هذا الحدث- ذا السّنة الخارقة- يبقى معروفا ومذكورا، لمن شهده أو سمع به، مثولا في الذاكرة والخاطرة، مثلما لمن كان ناظره. وفيه كانت هذه الولادة الكريمة الميمونة المباركة لأهل الأرض أجمعين.
[* مدلول حادثة الفيل:]
ويمثل عام الفيل حادثة تعلن بقوة، تحفر في الحياة مشاهد لا تنسى، إشارة تضمّ إلى البشارات السابقة، والإشارات المتنوعة عن الإسلام، وبداية نزول القرآن، وبداية الوحي بهذا الدين، واختيار رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليحمل رسالة الله الخاتمة إلى أهل الأرض أجمعين «١» .
وهذه الحادثة تشير إلى المولد الذي سيحملها، ويحمله من اختاره الله تعالى لذلك، اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الأنعام: ١٢٤] ، لتشير إلى اقتراب موعد نزول القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلّم بعد أن يبلغ الأربعين من عمره الكريم الشريف الأمين، والمبارك الخير الميمون، موعد ولادة الإنسانية الفاضلة على درب الهدى والنور.
فكانت ولادته صلّى الله عليه وسلّم وما جرى فيها، تأكيدا وتذكيرا لأهل الكتاب ولغيرهم، وتقديما مبينا لما مرّ بهم من بشارات أوحى بها الله سبحانه وتعالى إلى أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام- ولغيرهم ممن له بذلك صلة وعلم، لعلهم يعتبرون.
وكانت الولادة الكريمة تنبيها وتقديما مبينا؛ لأهل مكة والجزيرة العربية وغيرهم، لأهمية ذلك، حازمة ولازمة، تصديقا وتوثيقا، مؤشّرا بقرب موعد انبلاج الفجر، وسطوع النور على أهل الأرض أجمعين. كتاب من الله