ذلك، وتلك سنّة الله التي لا تتغير وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [الأحزاب: ٦٢] .
ولكن كلما تغيب تشرق من جديد هذه الروح، تقدّم ذلك بصفات أفراد قادة، مجهولين أو ظاهرين، أو جنودا يعومون أو ينغمرون، يدعون إلى الله فيتكوّن التيار، تتدفق منه الأنهار، صافية منسابة، تحمل الخير إلى الأرض لتغرسها فيجتنى منها أحلى الثمار، ينعم بها كلّ أحد بلا استثناء، كما جرى ويجري في التاريخ البعيد والقريب، وهو أمر واضح معروف ومشهود.
* قادة الأمة والسّيرة:
وأسفرت الأمة الإسلامية بقادة من كلّ لون، وأزهرت بهم الحياة، حكاما وعلماء وقادة وبناة وقضاة ودعاة، من هذا اللون يبنون في ظلال هذه المعاني. هؤلاء القادة من كل لون، هم القادة الحقيقيون.
والعلماء كانوا بالقيادة أملا وعملا، وللمجتمع موئلا وللجماهير حداة ومثلا، وفي الميادين والملمّات كان أحدهم فارسا وبطلا. والعلماء والقضاة والفقهاء منائر هذه الأمة وماثرها ومفاخرها ومعالمها وحماتها.
ومن النكبات أن تصاب هذه الأمة في علمائها، ولذلك فهم بالذات دوما كانوا- ويكونون- الهدف، يطلبهم الأعداء؛ لأنّهم حداة مواكب الخير في طريق الله المنير، ورعاة مراكب النجاة في ظلمات البحر الكبير، بما حافظوا كلمة الله تعالى، يبينونها للناس، ويحملونها في نفوسهم التي استرخصوها، جهادا وجلادا، لرفع راياته خفاقة لتبيّنه للناس.
والأمة عرفت قدرهم، وأسلمت مقودها لزمامهم، وملّكت أزمّتها أيديهم، أطاعتهم وأعطتهم ووقفت معهم، وما أكثر الأمثلة على ذلك! امتلأت بها بطون الكتب وسجلّات أيامه الغابرات والحاضرات، وكذلك المستقبلات، إن شاء الله سبحانه وتعالى وبعونه. كان ذلك واضحا وخالصا