إن استعراضك للسيرة الشريفة إنما هي لرؤية المشاهد متسلسلة الحلقات متصلة، من العمل الجاد والمصابرة والجهاد والبذل والاستشهاد والمواجهة والثبات، أمام كل ألوان الاضطهاد والصعوبات والمشاكل والقدرات والمؤامرات، والاستعلاء بهذا الدين عن كل التّرّهات والوهدات.
فكان الصحابة هم الجيل القدوة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة لهم في ذلك كله، القدوة المثلى والأسوة الحسنى والجانب العملي هو مثاله لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب: ٢١] . وهكذا يقوم الأمر على أسس ومقومات ودعائم ويؤدّى بصيغ معروفة ويتميز بصفته الجميلة الجليلة. يقوم على الإيمان بالله تعالى ومحبته وطلب رضاه، فتكون الانطلاقة الصحيحة في الحياة في خطى ثابتة وفي درب سليم مأمون. وهذا ما نجده في السيرة النبوية الشريفة في الحياة الإسلامية ومجتمعها، وهي أفضل صورة اقتدت بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لتبقى حياة ذلك المجتمع والجيل قدوة لما يتلوها من أجيال في كل العصور والمواقع والمناطق، تحبه وتحييه وتنظر نحوه، تبقى تهتف إليه وتعمل لبلوغه واللحاق بأهله.
[* السيرة ونسج المثال:]
وتبقى السيرة الشريفة المثال الموحى به، لم ينسج على منوال، وهو في غاية الكمال. والعلماء جعلوا العلم، غير كاف وحده، شرطا لتولي المسؤوليات، ولا بد من التقوى والورع. والإسلام يوجب صفات، منها:
الإحسان لكل أحد حتى مع العدو، ويطلب منه عدم مواجهة السوء بمثله بل بالحسن. ويرفض من المسلم صفات كالكذب والجبن والبخل والغدر والخيانة والفرار من لقاء العدو (الفرار يوم الزحف) والتخلف عن نصرة الإسلام وأهله. فتجد المسلم دوما أقرب إلى الصدق والشجاعة والكرم والوفاء والأمانة والقيام للعدو والإقدام لنصرة الإسلام وأهله. وإن تفاوتوا