وظني أن الذي كان يتولى من الصحابة الكرام أمرا من أمور المسلمين- أو مهمة أو تكليفا- سليمة كانت أو حربية أو إدارية، يقوم به وهو يحيا بهذا البناء ويتعامل معه ويخوض ميدانه، في كل مرة جديدة. ويذهب إليه ويتعامل مع قضاياه ويسلك فيه مسالكه الواقعية التطبيقية، فتظهر فيه الآثار والثمار الطيبة لتلك التربية الفريدة والبناء المتنور والغرس الضارب الجذور إلى أبعد الأعماق. فيظهر كل ذلك بثماره في الميدان الجديد والمعترك الموكول، فتتمثل في تصرفاته، صيغا رائعة جديدة وصورا باهرة فريدة.
عرفت من خلال التكليف بتلك المهمة التي بها ظهرت نوعية بنائه سلوكا، وأكسبته دراية وتعلية وتربية ليرتقي إلى قمة أخرى.
وأرى أن الميدان نفسه ليس هو الذي أكسبه ذلك، ولكن كان هو المناسبة التي ظهر فيها هذا النوع الفريد، بهذا الموقف النادر. وهكذا كانت المهمة الجديدة- التي قد تكون جديدة وأكثر صعوبة مما ألفه- مظهرة مواصفات تلك التربية وصيغتها الكريمة. وهذا يعني أيضا أن الشعور بالمسؤولية والقيام بالتكاليف تستدعي ما يناسبها علوا وقوة وهمة. استجابة