للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دائما، وفي كل شيء ووقت وظرف، خير قدوة وأسوة لأشدهم وأقواهم، فكان يغمرهم بمحبته ويرفع من هممهم ونفسياتهم ويبعث فيهم روحا متفتحة مقبلة. وكانوا هم يقتدونه ويحبونه ويتبعونه ويفتدونه ويؤثرونه ويطيعونه، ويسرعون متسابقين لطاعته.

* حبّ متوارث طهور:

هذا الحب والتضحية والالتزام ورّثه الصحابة الكرام لمن بعدهم. فلقد قال محمد بن كعب القرظي «١» : إن رجلا من أهل الكوفة قال لحذيفة بن اليمان «٢» : يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصحبتموه؟ قال: نعم يا بن أخي. قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، قال:

فقال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحملناه على أعناقنا! «٣» .

فكيف لا يفعل المسلمون ذلك وأكثر منه. إنه الحب العميق الذي لم


(١) هو أبو حمزة بن كعب (١٠٨ هـ) من بني سليم القرظي (من بني قريظة) ثم الأوسي (من حلفاء الأوس) ، الكوفي (ولد ونشأ فيها) ثم المدني. كان أبوه كعب من سبي بني قريظة (الذين استحيوا إذ وجدوا لم ينبتوا (صغارا غير محاربين) . الاستيعاب، (٣/ ١٣١٧) ، رقم (٢١٩٤) . أسد الغابة، (٤/ ٤٧٩) . الإصابة، (٣/ ٢٩٧) ، رقم (٧٤١٤) . ومحمد هذا تابعي، عالم بالتفسير ومن الأئمة فيه، الإمام العلامة الصادق، كان كبير القدر، موصوفا بالعلم والورع والصلاح. سير أعلام النبلاء، (٥/ ٦٥) . البداية والنهاية، (٩/ ٢٥٧) . عبر الذهبي، (١/ ١٢٤)
(٢) حذيفة بن اليمان (٣٦ هـ) ، هو وأبوه من سادات الصحابة المهاجرين، وهو من الولاة الشجعان الفاتحين، وصاحب سر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنافقين. ولاه عمر المدائن، وطلب ما يكفيه من القوت. وأقام هناك وأصلح البلاد. وروى له أصحاب الصحاح الستة (٢٢٥) حديثا. انظر: الاستيعاب، (١/ ٣٣٤) ، رقم (٤٩٢) . أسد الغابة، (١/ ٤٦٨) ، رقم (١١١٣) . سير أعلام النبلاء، (٢/ ٣٦١) .
(٣) سيرة ابن هشام، (٣/ ٢٣١- ٢٣٢) .

<<  <   >  >>