للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرقية أو غربية، مستوردة أو محلية. مهما ظنّوا فيها، أو ادعوا لها، لكن واقع الحياة كان كفيلا بكشف وهمهم ووهنهم، وبيان زيفهم وبعدهم، وربما ردّهم إلى الحق وسار أمامهم بوضوح كامل على الجادّة، بعد أو قبل فوات الأوان.

لقد تبين لفرعون ضلاله، وقد أغرقه الله، وأعلن إيمانه بعد ما رأى مصيره غرقا، وقد فات أوانه، غفلة واستكبارا، وكان بإمكانه أن يدرك ذلك، ويتدارك أمره، قبله وأبكر منه، وضوحا واستجابة: وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ [يونس: ٩٠- ٩٢] .

لكنّ الذين أسلموا متأخرين قبل فوات الأوان، حازوا خير هذا الدين، والإسلام يجبّ ما قبله، فعوّضوا عما فات، والأمثلة كثيرة جدا «١» .

[* المثل والأمثلة:]

ففي معركة أحد، والمسلمون بقيادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متّجهون إلى المعركة، فتح الله قلب أصيرم (واسمه: عمرو بن ثابت بن وقش) - من بني عبد الأشهل- للإسلام، فأسلم، وعلم أن المسلمين ذهبوا للجهاد، فحمل سيفه في الحال، ولحق بهم مجاهدا، وقاتل حتى قتل، ووجد في الرّمق الأخير «٢» ، ودهش لرؤيته الأنصار، لما يعرفون من كفره وصدّه، فقالوا:


(١) انظر ما فعله مثلا: الحارث بن هشام وحكيم بن حزام وعكرمة بن أبي جهل؛ بعد إسلامهم المتأخر، وقد حاربوا الإسلام قبل ذلك طويلا وضاريا وشاملا. انظر: الاستيعاب (١/ ٣٠٣، ٣٦٢، ٣/ ١٠٨٢) . أسد الغابة (١/ ٤٢٠، ٢/ ٤٥، ٧٠- ٧٣) . سير أعلام النبلاء (٤/ ٤١٩، ٣/ ٤٤- ٥١، ١/ ٣٢٣) .
(٢) السيرة النبوية، ابن هشام (٣/ ٩٠) .

<<  <   >  >>