لمداها. هكذا في كل الصفات المتنوعة التي أرادها وأدارها الإسلام ودعا إليها وربى أتباعه عليها.
فالقدوة والأسوة النبوية عميقة الغور، مثلما هي سامقة الآفاق دانية القطوف. والله تعالى أعد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ليرى كلّ أحد الإسلام نموذجا في الأرض، يصيغه إنسانا بشرا، ارتقى بهذا الدين العظيم، أنزله الله تعالى وأعده له وأدبه به ودعا الآخرين إليه، فرباهم بمنهجه، بتوجيه الله سبحانه وتعالى وتسديده بالوحي الأمين، قرآنا وسنة وتوجيها بالسيرة النبوية الشريفة.
وهكذا فالسيرة الشريفة بحاجة إلى فهم متسع متفتح أصيل عميق متجدد.
فلا يمكن أن يغور إليها إلا الذي أحبها وتعلق بها وعاش معانيها، وانطوى على هوى مكين، يغدو به وكأنه يرى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويصحبه في حياته.
صورة متحركة أمامه، يراه فيقتدي به، وهو الذي رباه الله وأحسن أدبه وتوجيهه.
[* القرآن والسيرة:]
وإننا نجد ذلك في معاني الإسلام وفهم القرآن الكريم وعمليته وصدقه وأصالته ومناسبته للإنسان، وحياته وتكوينه وطبيعته. فهو يا بني الإنسان بناء لا يصح لغيره ولا يكون، ويرقى به إلى المستوى المثالي، تراه في واقع الحياة. فهو الذي يربيه ويرتقي به، بصيغة مثالية واقعية أو واقعية مثالية، جرت في الحياة، ليس في أفراد- وفي جماعة فحسب- ولكن في مجتمع متكامل في كافة شؤونه وأحواله، باطنا وظاهرا، انطلق بذلك البناء حريصا على معانيه وحارسا لمبانيه، يؤثره على كل ما عداه، بإقبال وانشراح.
مجتمع كان كل أفراده كذلك. كان القرآن يربيهم وينشئهم وينشّئهم أمة كريمة. وهو أمر ما كان إلا به ولا يكون البتة إلا معه.
ومن هنا نجد الوفرة من السيرة النبوية في القرآن الكريم، نفسر القرآن