للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مليئا بالشوق لخدمته، ابتداء من دائرة النفس الإنسانية، بأن تجدها به سلوكا أسنى، ثم يأتي العمل على نشره. ويوم تخلو النفس من هذه المعاني والسلوك من صورها، فإن العمل أو الدعوة تصبح أمرا دنيويا لمصلحة أو منفعة، وهو أمر يرفضه الإسلام. فالإيمان بهذا الدين الكريم يشعر صاحبه بالتوق والشوق والتعطش له.

ومن فقه المسلمين الأوائل، والمرأة المسلمة بالذات، في الهجرة، كما هي في الحياة الإسلامية، جنّدت نفسها مهاجرة ومحضّرة ومدبّرة، افتدت ذلك بنفسها. وهي مهمة تتكامل مع جهود الرجل، أو تنفرد بإجادتها في الهجرة وغيرها لخدمة الإسلام في كل ميدان وآن، ولدينا من هذا قمم عالية وأعلام هادية. فخديجة وسميّة وأم سلمة وعائشة وأسماء ونساء المقاطعة وأم معبد وغيرهن ما أكثرهن.

جزى الله ربّ الناس خير جزائه ... رفيقين حلّا خيمتي أمّ معبد

هما نزلا بالبر وارتحلا به ... وأفلح من أمسى رفيق محمد

وكم شاركن في بناء الدولة بعد الهجرة، وانتصرن لله ورسوله، فكن مثالا وأيّ مثال!

[* العزيمة وقيام الحياة الإسلامية:]

الأخذ بالعزيمة شأن ذلك الجيل القرآني، ومن سار على نهجهم ونهل كما نهلوا- من كتاب الله وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. لقد أخذ أكثرهم بالعزيمة «١» ، ولديه متسع في الأخذ بالرخصة ... وخدمة الإسلام تحتاج إلى العزائم والأخذ بها، لا تقدّم عليها دنيا المال والمناصب والشهرة وغيرها. ومن مقتضى الصدق في الإيمان بالله تعالى ودعوته والجدية فيه: ظهور ذلك بوضوح تام ظاهر، سلوكا قراءة وأخلاقا.


(١) مرت أمثلة كثيرة على هذا الأمر الواضح. انظر أعلاه: ٢١٨.

<<  <   >  >>