مع نوعية تلك المضامين والمضامير والمفاهيم الكامنة في ذلك البناء.
متناسبا مع تقديم تلك التكاليف والقيام بالواجبات الموكلة إليه، بأحسن نوعية من المستوى في التربية التي بها يستشعر المسؤولية ويستجيش المشاعر ويستدعي الطاقة بتمامها، حضورا أمام الله تعالى، مستمر التمرس والتمرن والتدرب على ارتقائها لقمّة أخرى. وهذا يشير إلى أن ذلك البناء كان من القوة بحيث يحتمل أية مهمة جديدة وتكليف قادم وعمل مرغوب لخدمة هذه الوجهة، مهما يتطلب من الهمة والقوة والمواصفات. ويجعله يحافظ ويلتزم بمستوى يبقي ذلك الواجب يؤدى بنفس تلك الصيغة والنموذج والمعدن.
وهذا يعني أن الذين يتولون المهمات العامة- في هذا البناء والأجواء والمجتمع- تظهر فيهم تلك المواصفات، بصيغ تحافظ على النوعية، في مستواها الجديد مهما كانت مغرياتها وأثقالها وصعوباتها. وتظهر- رغم ذلك كله- أكثر قوة وازدهارا وإبهارا، كلما كانت أكبر وأشد وأقوى. وانظر إلى كل من تولى من الصحابة الكرام- ومن بعدهم لقرون، وحتى الوقت الحاضر، ودوما هي كذلك- مهمة في الحياة الإسلامية. وهي جميعا لها صيغها الإسلامية وتعليماتها وآدابها، فيأخذ بها.
وكلما علت، تكثر فيها المواقف الأقوى والأعلى والأسمى، وتظهر وتبدي دقتها وترقيها، وتحرّج صاحبها ومحاسبته نفسه ومراقبة ذلك كله.
ومن هنا ورد عن بعض الصحابة إنهم كانوا يتركون الكثير من الحلال خشية الوقوع في الحرام.
[* عصر النبوة وامتلاء ميادينه بالأعلام العالية:]
وانظر عصر النبوة الشريفة كيف امتلأ بالأعلام، وليس كأي أعلام. فهم أعلام في المجتمع المسلم، فكيف في غيره، في كافة الميادين، مما يعتبر إلى هذا اليوم- ويبقى بعده كذلك- وسيبقون مثالا يحتذى حتى عند غير