وافتدائه. ومن هنا نلحظ هذا الأمر لدى السّلف الصّالح واضحا.
[* كتابة السيرة بين الفقه والتاريخ:]
ولدينا في السيرة، والتاريخ الإسلامي عموما، كتب كثيرة، يكاد كلّ مؤلفيها- وهم من السلف- أن يكونوا على علم بالإسلام جيد وممتاز، كذلك التزامهم به، ومنهم من كانوا في الأصل هم فقهاء، وكتبوا في التاريخ. وان كان المؤرخون هم من أهل الفقه في الدّين، وكان من هؤلاء الفقهاء. وهم مثل كثير غيرهم في معرفة الخير وتحرّيه، إلا أنهم أكثر علما، وأشد تماسكا والتزاما، أجدر من كتب السيرة، وأجدى علما وعملا. فهم أفضل من كتب التاريخ الإسلامي، لا سيما السيرة النبوية الشريفة لالتزامهم الدائم بالإسلام، وتوطين أنفسهم على معانيها، وإدراك مراميها، والعيش في أجوائها، شدة ورخاء، منشطا ومكرها.
وكثير من كتبة التاريخ الإسلامي اليوم لا يفقهون الإسلام، إن لم يكونوا يعادونه، ويعرفون عنه تلفيقات مزوّرة، يردّدونها بعد أن تلقوها، وصورا شائهة شائنة التقطوها احتطابا، واعتبروها هي حقائقه، أضعفت ولاءهم وأركست مفاهيمهم، وطمست ضياءه عندهم، وغيّبت بهجته وحجبت بهاءه أمامهم وأودت بمناراته وفتوحاته لديهم. فهم من الناحية العلمية البحتة لا يصلحون لذلك، فضلا عما يمكن أن يتصفوا به من التّحيّز، وعدم الأمانة، وامتلاكهم واحتوائهم الرطانة اللغوية والخلقية والعلمية.
ولكن- لا سيما بالنسبة للسيرة- فقد توفرت- والحمد لله- مجموعة من المؤلفات الحديثة، أغنت الكثير من جوانبها، وتوفرت لها من المصادر