وظلت السيرة الشريفة- على صاحبها الصلاة والسلام- تحمل الحياة الإسلامية بامتدادها، وتغذيها بروحها، وتقويها بمضامينها. يتوالى ظهورها، وتتجدد حقائقها، كلما تأكدت هذه التربية الفذة، في كل العصور وحتى العصر الحاضر، في الوقائع في العالم الإسلامي: في فلسطين والسويس وأفغانستان وغيرها، وفي كل المواقع. وإن جميع التحركات الخيرة والتجمعات الفاضلة والانبعاثات الوضيئة في عالمنا- بعد أن تهالكت الخلافة الإسلامية العثمانية وتهاوت وذهبت- كانت تنبع من هذا الفيض الكريم في كل العالم الإسلامي ومنها البلاد العربية.
وهذا هو الأمل أن يتجدد ويقوم على عزيمة أهل الإيمان، يبنون من جديد الحياة الإسلامية، ويبذلون ويتقدمون. وهذا ما لا تقيمه الرخص بل تقيمه العزائم. ولا يجب أن يحدث العكس، بأن تؤخذ بالعزيمة في العبادة والرخصة في الحياة، بل الأصل: الرخصة في العبادة والعزيمة في الحياة.
والبوادر ظاهرة، والخير قادم، والموكب يتهيأ للمسير. ولابد أن تنطلق القافلة وتسير- إن شاء الله سبحانه وتعالى، بعد أن تصفو الأمور، وقد جرى ويفهم الناس حقيقة الإسلام. وقد ذهبت كل تلك الشعارات الخادعة، وانهارت مبانيها المتداعية التي حمتها القوى الباغية العميلة ظاهرا وباطنا داخلا وخارجا في أي موطن وموقع، وفي العديد من عالمنا المتسع، واضحا أو خفيا.
الثمار الطيبة الطّعوم:
وهكذا كان الصحابة الكرام وبناؤهم ثمرا طبيعيا لمنهج الإسلام- قرآنا وسنة وسيرة- وصورة واضحة لتعاليمه، قدوتهم في ذلك خير خلق الله ورحمته المهداة إلى العالمين. فهو صلّى الله عليه وسلّم دائما الأسوة الحسنة والقدوة الكريمة للمسلمين جميعا في كل العصور، ابتداء من الصحابة الكرام، ومن أكبرهم