وأجراء الطواغيت، وخدمة الباطل، ومطايا المنافع. هم أبعد الناس عن استحقاق لقب العلم والعلماء، فلا بدّ أن ينبذوا.
فإن فشلوا هم في تمكين هذه الدعوة من نفوسهم، وإظهار صورها في حياتهم، فالله تعالى لا يبارك لهم عملا ولا قولا، مهما ادعوا، وتباكوا، وعلت أصواتهم، وبحّت حناجرهم لتعويض ما فاتهم، إلّا أن يتوبوا توبة نصوحا، تجدد لهم مواقفهم المأمولة من علمهم. وما عدا ذلك فلا ينفعهم، مهما اتسعت دروسهم، وزادت مؤلفاتهم. وهؤلاء غير أمناء على الشريعة وحقائقها، ولا يصلحون لكتابة أي شيء إسلامي أو تاريخه، والسيرة النبوية الشريفة- على صاحبها الصلاة والسلام- وكل أمور الإسلام، أكرم من أن يكتب فيها هؤلاء وأمثالهم.
* السّنّة وكتابة السّيرة:
وفي أضواء قواعد تدوين الحديث الشريف، وأحضان مناهجه العلمية، كانت كتابة السيرة الشريفة ونشأتها وامتدادها وتدريسها ومؤلفاتها، وكذلك عموم التاريخ الإسلامي.
ومن هنا تأتي الدعوة إلى كتابة السيرة على قواعد علوم السنّة والحديث.
وكم من المحدّثين أنفسهم هم الذين تولوا ذلك! ومن السيرة الشريفة نشأت كتابة التاريخ الإسلامي، وفي حضنها نبتت، وفي ظلال السّنّة المطهرة قامت، وابتدأت، وسارت كريمة عزيزة قوية أبية متقدمة.
وإن الذين خدموا هذه الأمور- ومنها التأليف في السيرة النبوية الشريفة- كانوا أوفى الناس وأبرّهم، وكانوا في المجتمع أعلاما وأذكياء وأبطالا ومربين، طبعوا بكلّ ذلك حياتهم.
لقد عوّدنا هؤلاء أنهم كانوا يموتون في الجهاد، ويقدمون على الاستشهاد، ويدعون الله تعالى أن يموتوا شهداء، أو في مدينة رسول الله