يا حسرة على العباد! بأيديهم كتاب الله سبحانه وتعالى، فيه شفاء من كلّ داء، وصحة في كل ميدان، وتقدم نحو أرقى أفق وسعادة في الدارين، ويبحثون عند أهل الأدواء- في الدنيا والآخرة- ما يشفيهم. والوضع الطبيعي أن يتولّوا- هم حفظة وحملة وأهل هذا الكتاب الرباني الكريم- علاج أهل الأدواء. وعلى ذلك فعند أهله المسلمين وحدهم- بهذا الكتاب الكريم- العلاج، أنزله الله شفاء وضياء وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً [الإسراء: ٨٢] وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: ٤٠] .
[* ولادة وولادة:]
وحين نحتفل بولادة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم إنما نحتفل بنبوته ورسالته ودعوته وبنزول القرآن عليه؛ الذي كان نزوله من عند الله سبحانه، رحمة منه عز وجل، ونعمة، ومنّة مباركة، فهو بداية الولادة المحتفى بها؛ ولادة الإنسان القرآني الرباني.
حمل هذا القرآن إلى الإنسان والإنسانية؛ في نوعيتها الجديدة، وولادتها الجديدة، ذلك المولود العظيم والنبيّ الكريم صلى الله عليه وسلّم الذي نحتفي اليوم بولادته، وبهذه الدعوة كانت ولادات الحيوات الفاضلة (جمع حياة) والحضارة الرافلة، بتعاليم هذا القرآن، وبمنهج الإسلام وشريعته كانت ولادة الإنسان الجديد.
وعندها ابتدأ الطريق لولادة الإنسان الجديد والحضارة الفريدة، ولادة الحياة الإسلامية، وقيام الدولة القرآنية.