للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشدّ تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل. لما نزلت في سورة النور:

وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابته.

فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحّل، فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه. فأصبحن وراء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معتجرات كأن على رؤوسهنّ الغربان) «١» .

[* جيل الصحابة والإقبال على أمر الله:]

وهكذا تلقّى جيل الصحابة الكرام كل الأوامر والنواهي والتوجيهات.

رغم أن الذي كان يحدث يعدّ أمرا فريدا، يصعب تصديق حدوثه لولا أنه قد حدث فعلا؛ فإن المسحة المعجزة التي تزينه والنسمة العالية التي توصله والقوة الإيمانية الربانية التي تحمله، هي من آثار الإعجاز في هذا الدين- قرآنا وسنة وسيرة- الذي نجده مبثوثا قويا شامخا في فعال أولئك الصحب الكرام، في كل أحوالهم، من الغضب والرضا والعسر واليسر والمنشط والمكره، وفي كل جوانب الحياة وأمورها وتعاملها، في السلم والحرب في الفقر والغنى والسراء والضراء وفي النصر والهزيمة. وإن كان لا هزيمة في مثل هذا البناء، في الحياة وتكاليفها أو في المعارك مع كل الأقوام الآخرى، التي عرف أهلها بالشجاعة. وهم الذين تصدوا ابتداء لحرب المسلمين، مغرورين بكل ما لديهم- وحق ذلك لهم- فهزموا، بفضل الله تعالى جميعا.

ولكن أية هزيمة، ما توقعوها وما سبق أن عرفوها. هزائم تتلوها هزائم، حتى استقاموا أو تركوا أو بادوا.


(١) فتح الباري، كتاب التفسير، باب وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ، (٨/ ٤٨٩- ٤٩٠) ، رقم (٤٧٥٨- ٤٧٥٩) . وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. انظر: البخاري، (٥/ ١٩٥١، ١٩٥٥) . ابن ماجه، (١/ ٢١١) ، رقم (٦٢٤) .

<<  <   >  >>