للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا بدّ لمن يريد أن يقيم مجتمع الإسلام أن يرتقي إلى هذا المستوى بالعمل قبل الكلام، وعلى هذا سارت أجيال الأمة في عصورها فارتقت، وكانت مثالا.

ومن عون الله تعالى ونصره للمؤمنين أن أهلك أعداء الإسلام؛ الذين يظنون أنهم قادرون عليه، فأذهبهم، ونصر عبده وأعزّ جنده «١» .

[* دوام حفظ الله سبحانه لأهل دعوته ونوعيتهم:]

وهكذا صرف الله عدوّ دينه ونبيّه والمسلمين، فأنزل بهم عقوبة يستحقونها. فانظر روعة هذا الدين ونصرة الله لأهله المخلصين، ونصرتهم له ولبعضهم، وحبهم لذلك كله، واسترخاص النفس من أجله «٢» .


(١) وأما ما كان من أمر عامر بن الطفيل أنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك، وقال له: ما تجعل لي إن أسلمت؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم» قال عامر: أتجعل لي الأمر- إن أسلمت- من بعدك؟ فرفض صلّى الله عليه وسلم ذلك (حياة الصحابة ٣/ ٥٤٨) . وقدّم عامر ثلاثة أشياء عرضها على الرسول صلّى الله عليه وسلم: يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر (الحضر المدن) أو أكون خليفتك، أو أغزوك بأهل غطفان (البخاري: كتاب المغازي، باب: غزوة الرجيع، رقم ٣٨٦٠ وبعده) . فلما خرج من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم تهدده فردّ صلّى الله عليه وسلم عليه بقوله: «يمنعك الله» . وذهبت كلّ محاولاته هباء، مع رفيق له كان معه هو أربد بن قيس، كانا يريدان الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان قتله. عامر يشاغل الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم. فقال عامر للرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم: يا محمد خالّني (كلمني منفردا) ، قال صلّى الله عليه وسلم: «لا والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له» . وجعل عامر يكرّر طلبه والرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم يجيبه نفس الجواب. ثم حماه الله سبحانه وتعالى منهما، وصرفهما عنه. ودعا عليهما الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم، فقتل الاثنان، هلكا في الطريق. أربد بصاعقة. أما عامر فأصابته آلام فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول، فجعل يقول: غدة كغدة الجمل في بيت سلولية. ثم ركب فرسه، ومات عليها راجعا. انظر تفاصيل ذلك: سيرة ابن هشام، (٣/ ٥٦٨) . زاد المعاد (٣/ ٦٠٣- ٦٠٥) . سبل الهدى (٦/ ٥٥٠- ٥٥٣) .
(٢) راجع: نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي (٥٦) . حيث تجد أمثلة أخرى كثيرة.

<<  <   >  >>