للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[* قوة التضحية والفداء:]

من أجل العقيدة تركوا كلّ شيء، فرحين بنصرتها، وإعلاء رايتها، وقدّم أهل النصرة كل شيء لهم، أخوّة في الدين، وإخلاصا لله رب العالمين، فوطن المسلم حيث يستقر دينه، وتقوم دولته، وتنتشر دعوته.

هذا المستوى واللون لا يأتي بكثرة العلم اللساني، بل العلم القلبي الرباني؛ الذي قيضه الإيمان بالله رب العالمين وعمّقه حبّ هذا الدين ومعرفته. ولا يتم بالمنصب والمال، فليس ذلك مورده ولا سنده، ولا يأتي من بابه، بل بالارتباط الوثيق بالله تعالى، يمتلىء القلب المؤمن به ليثمر عملا صادقا صالحا وماء من العين صافيا، ولا تقبل صدقة من ريّ بل بطاعة الله تعالى والعمل على رضاه بشرعه. وانظر إلى ما عمله، وقدمه، وبلغه عموم الصحابة الكرام «١» .

فصدق التوجّه في الإيمان قوة تفتّق كل شيء خيرا وهو مختوم، وتفجر الينابيع الثرة، وكانت مغلقة، وتنبت كل طاقة فاضلة غائبة أو موقوفة،


(أباطحها) وأعذق إذخرها، وانتشر سلمها، وأرغل (أسلب) ثمامها. فقال صلّى الله عليه وسلم: «حسبك يا أصيل لا تحزنا، لا تشوقنا، ويها يا أصيل دع القلوب تقر» . الاستيعاب (١/ ١٣٦) رقم (١٣٩) . أسد الغابة (١/ ١٢١) ، رقم (١٩٢) . الإصابة (١/ ٥٣) ، رقم (٢١٥) . وأخرج البخاري (٢/ ٦٦٧، رقم ١٧٩٠، ٣/ ١٤٢٨، أرقام: ٣٧١١، ١٠٥٧، ٢٧٢٩، ٥/ ٢١٤١، أرقام ٥٣٣٠، ٢١٤٨، ٥٣٥٣، ٢٣٤٣، ٦٠١١) أنه كان بلال الحبشي في المدينة يتشوق إلى مكة يرفع صوته مكررا:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
انظر: سيرة ابن هشام (١/ ٥٨٩) (الخشني ٢/ ٢٧٢- ٢٧٣) ، سير أعلام النبلاء (١/ ٣٥٤) . «مجنّة» : موضع ماء قرب مكة أسفلها، قرب عكاظ، كان به سوق باسمه، «شامة» و «طفيل» : جبلان قرب مكة. معجم البلدان (٣/ ٣١٥) . «الإذخر» : نبات طيب الرائحة. «الجليل» و «الثّمام» : نوع من النبات.
(١) مرت أمثلة متعددة، انظر مثلا: أعلاه، ١٨، ٩٣، ٩٦ وبعدها.

<<  <   >  >>