والله تعالى هيأ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم- القدوة والأسوة النبوية- وأعده من كل ناحية، للاحتمال والاكتمال والتلقي للوحي الأمين. وهو أمر صعب يعرف عنه من اطلع كيف كان حاله صلى الله عليه وسلم حين يتلقى الوحي.
وهكذا يثبّته الله جل جلاله ويؤهله، فيرتقي بالاحتمال يمده به- سبحانه وتعالى- والاصطبار والكشف، مما لا يفعله إلا نبي ولا يستطيعه غيره، بتأييد الله له ومدده. كل ذلك وهو يقوى ويزداد ويثبت باستمرار.
وعلى هذا المنهاج ربّى صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام، بالوحي الإلهي وبما أنعم الله عليه بالمعرفة والإعداد والعلم النوراني والوحي الرباني. وكان يعلّم الصحابة الكرام بالتمرين والممارسة المتلاحمة الدائمة والمباشرة والتدريب، وفي ميدان الحياة ومعتركها، ممارسة واحتمالا وتفاعلا.
[* السيرة موئل ومنهل:]
ومثلما نجد في سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة، فلقد كانت من الرحابة غدت بها متّسعا لكل ما نريد من أمور الإسلام في الحياة، على مدى العصور والأجيال، في كافة الأحوال. وهكذا أحس الصحابة وفهموا، وكانوا يلجؤون إليه صلى الله عليه وسلم ويجدون عنده الراحة والأمان والأمل والحل والفضل والقوة والقدوة، ينهلون منها وبها يرتقون، وكأنهم يحيون معه في عالم آخر رفيع يستمدون منه، لينطلقوا في الحياة بها عاملين، تكون