للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه المناسبة يتاح المجال لزيادة المعرفة أو الجديد فيها، ولا تخلو إن شاء الله- من تجديد بعض ما هرم وشاب في مثل هذه الأجواء. وهي أحد أعيادنا الكثيرة، نحتفل بها لما فيها من حكمة ومعنى، نرجو الفائدة منها متنوعة، نرمم ونداوي ونعالج ونجدد ونقيم ونبني بشحنات (شحن) الإيمان الصافي الزلال القوي الأبيّ الفعال، كيما يأتي- بعد المخاض- المولود الجديد، ويتجدد القديم؛ لجعل مولد التحرك والاتصال أصيلا يستمد من المصدر، من منهج الله تعالى، وشرعه المبارك الميمون. وهو أمر يدعو إلى قيام التربية والتوجيه عليه.

وإنه لشرف كبير أن نقوم جميعا بكل ذلك، وإنه لموقف مشرّف كريم، ونحن اليوم نقف في أعقاب عام ذهب ودّعناه، وأبواب عام جديد استقبلناه، ونحن كذلك الآن على أعتاب قرن هجري جديد، نودّع القرن الرابع عشر الهجري لنستقبل تاليه.

[* مؤشرات ومبشرات:]

هذا القرن الذاهب تميّز بأمرين مهمين، فيما يتعلق بالإسلام: نكبات ودعوات. نكبات أصيب بها المسلمون كما لم يصابوا في غيره، من ذهاب دولتهم، وإبعاد عن الحياة شريعتهم، وتوزعهم إلى شعوب مقطعة الأوصال، افترست نفوس أبنائها وأفكارهم، زاد مسموم، واستبدت بهم رياح هوجاء، تكاد تسقطهم في هاوية سحيقة.

إن المسلم- كما تعلمنا من الصحابة الكرام- يرفض الموضوعات الأرضية، ولا يخدعه بريقها، والهالات التي حولها، والأضواء المحيطة بها، ولا ترديه المبادئ الوضعية، مهما تمكنت من بطشه، وتحكمت في عيشه، أو أحكمت من أمره ترهيبا، أو ألهته بشراسة أو أطعمته من الترهات، أو فتنته، وخدعته ترغيبا. وهو- من باب أولى- لا يجعل من هذه الأجواء له مثالا. وأية استجابة لذلك تنتج بعدا عن الإسلام.

<<  <   >  >>