لا نريد من مسلمة اليوم- في أية بقعة من بقاعهم- لا سيما الناطقين بالعربية- باعتبار معرفتهم لهذا القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والسيرة الشريفة، وشريعة هذا الدين، لمعرفتهم وفهمهم لغته- أن يكونوا آخر الركب التحاما بدعوة الإسلام، كما لا نريد أن يكون- هم وغيرهم وكل أمته إسلامهم باهتا، أو نائما، أو غائبا، فسيوقفهم الله سبحانه وتعالى، وسيسألهم عن كل ذلك، ويجزيهم بما يستحقون وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ [الصافات: ٢٤] .
إنّ أمّة تملك كتاب الله، كيف تهمله؟!
كيف يشغلها عنه شاغل، أو يحول بينها وبينه حائل؟!
إنها مدعوّة لتعيد قراءته، إن كانت قد قرأت، تقرؤه بكلّ حواسها ومشاعرها وبكل كيانها، تتذوقه، وتتفهمه، وتتمثله، وتأخذه شاملا، وتقبل عليه بكليتها، وتتعبّد الله به، باتخاذه منهجا، والاستمداد منه شريعة.
فلا يصحّ للمسلم أن يحفظ هذا الكتاب في السطور أو الصدور، ولا يكون عنده حيّا في الشعور، ولا أن يحمله أوراقا ويهمله أخلاقا، أو يعرفه كلاما ويتركه أحكاما.
[* يا حسرة على العباد:]
إن الذي يهمل القرآن الكريم، ثم يذهب ليستجدي فتات القوانين، كمن يعاف الحلال الطيب في داره إلى جنبه، ويبحث عن اللحم الحرام! وكمن يملك الماء الزلال ويتركه ويهمله؛ ليرتاد آسن المستنقعات! وكمن عنده كنوز المال الحلال وخزائن الثروات، ثم يطلب الرّبا، به يقتات! فيهلك نفسه ويهلك من معه، نعوذ بالله، ووقانا منه.
كيف يحدث ذلك أم كيف يكون؟! وماذا يقول المسلم أمام هذا الشجن