ولقد ربّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصحابه على ذلك، وكان لهم مثالا وقدوة، وفي كل شيء، مستعليا وزاهدا في كلّ ما حوله، إلا فيما يرضي الله تعالى، ويقرّب إليه أكثر، وهكذا عاش صلّى الله عليه وسلّم وصحبه المجاهدون الكرام.
[* كيف السبيل؟]
وعلى مسلمة اليوم أن ينهجوا نهجه صلّى الله عليه وسلّم في نفوسهم وفي حياتهم، ابتداء من ذواتهم، عاملين على نصرة الإسلام. وإنّ الله سينصر هذا الدين، وينصر أهله، ويقيّض من ينصره، وتلك سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه دواما.
وإن كنّا على يقين نشهد ونرى في نفوسنا وتصوّراتنا وعقيدتنا، مؤمنين أن دين الله منتصر، وأن فارس الإسلام قائم، وموكبه المنير قادم، ولكنه لا بد من تضحيات، ولا بد من بذل صادق يقدّمه المسلمون.
كل ذلك يقوم على فهم رائق للإسلام، بكل ما يحتويه ويشمله، ولا تصفو المسيرة إلا بصفاء الفهم، وخلوص الإقبال على الله تعالى، بهمّة وحكمة وحنكة وكياسة، يوفره العيش في هذا الدين، تتفتح به المغاليق في النفس والحياة بكل مجاليها وأحوالها على الدوام.
وهذا هو السبيل الذي لا بدّ من سلوكه، تقبل عليه النفس بلا تخفف، وتؤدي حقّه بلا تكلّف، بل إنها لتعشق ذلك، وتندفع نحوه، وتسرّ بما تقدمه، أكثر من ذلك الذي تدّخره وتوفره.
[* أداء حق أمانة الدعوة:]
فإذا كان للحمل ولادة والولادة قادمة، لا بدّ لها من مخاض، ولا بدّ للمخاض من آلام- سنّة الله وحكمته- يتحملها المسلم بنفس راضية، وروح وفيّة قوية، حتى لو كانت الولادة تورث الموت وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف: ٢١] .