والله إن هذا للأصيرم، ما جاء به؟ فسألوا فأخبرهم الخبر، وإنه حين ذكر أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:«إنه لمن أهل الجنة» . وهكذا رحمه الله تعالى، ورضي الله عنه، وكان إقدامه واستشهاده. ذلك هو مقتضى الصدق في هذا الدّين، وقضى شهيدا، فكان هو الذي دخل الجنة، ولم يركع لله ركعة.
ولدينا العديد من هذه النماذج الفذة، وغيرها الكثير والكثير جدا، تلك صنعها هذا الدين، دين الله الحق لأهل الأرض أجمعين، ولا يمكن أن تكون إلا به- وبه وحده- وهو أمر طبيعيّ.
وفي معركة اليرموك (١٥ هـ) جرى مثل ذلك، حين أقبل إلى معسكر المسلمين «جرجة» أحد قادة الروم ليعلن إسلامه، ودخل المعركة إلى جانب عكرمة، وتعاهدا- مع آخرين كثير- على الموت في سبيل الله، فاستشهدا جميعا «١» . وهكذا وهكذا كثير، ووفير، وجدير.
فليلتحق المسلمون بركب الإسلام المنير عاملين بجديّة أكثر، يزداد القريب قربا، ويقترب البعيد، كما يفوز بالخير ولا يفوته، ويحظى برضا الله عز وجل وجنته، إن شاء الله سبحانه وتعالى.
[* الشرود عن منهج الله هو الدمار:]
لقد هربت أوربا من شريعة الله، ومنه سبحانه وتعالى. وحين هربت من الكنيسة الطاغية الباغية باسم الدين الزائف، وثارت على دين الله سبحانه وتعالى، ظن الناس هناك أنهم يجدون إنسانيتهم وحريتهم وكرامتهم ومصالحهم وحياتهم وسعادتهم، في ظلّ الأنظمة الفردية الديمقراطية؛ بما صاغوه، ووفّروه، ثم في ظلّ الأنظمة التفردية المستبدة الطاغوتية الجماعية، فلم يجدوا إلا الخيبة، والفشل الذّريع، والتغرير، والتدمير، وكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، وانتقلوا من الوهم إلى السّراب