للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا تكون حياة المسلم الحق، يدّخر الخير والحبّ، ليا بني مجتمعه النظيف، بإيمان عميق، وطاعة وتحرّ واقتداء، يمنحه قوة عجيبة؛ ليقوم على نفس متجدّدة متولدة، نورانية كالضياء باهية كالماء، صافية هي كالهواء العليل، نديّة قوية تحمل اللواء.

[* علماء الأمة هم حماتها، وبناة حضارتها:]

وعلماء هذه الأمة الإسلامية الخيرة الخيرية، أنصع وأروع وأقوم وأكرم من في المجتمع النظيف الكريم، وأكبرها طاقة، وأوسعها إقداما، وأمضاها جهادا، وأرغبها في التضحية والفداء. وإنه لمن المستغرب حقّا كيف يمكن أن يجمع المسلم بين التزامه بالإسلام وبين المعاني والمسالك والظواهر والدوافع التي لا تمت له، تلك التي لا تفتأ تقتل فيه الروافد وتمنع إنبات البذور وإثمار الأشجار، وتحجب عن نفسه وفكره وتصوره ومسلكه حقائق الإسلام الخيرة. كما تلمس لدى البعض ممّن حملوا العلم في أزمان مضت- كعلماء بني إسرائيل، وأمثالهم من الأمم الآخرى- وفي هذا الزّمان الذي نحياه.

وطوال عمر الحضارة الإسلامية، لم تصف هؤلاء- الأدعياء البؤساء- بالعلم، لكنهم غمروا فلا يظهرون، واندحروا فما يتقدمون. ومهما يكن من أمر فهم عند الله تعالى لا يزنون، بل آثمون ومحاسبون.

وفي هذا العصر نلمح ذلك من بعض من حملوا العلم، من الذين شغلتهم مصالح دنياهم وشخصهم ومطامعهم ومنافعهم وأنانيتهم وماليتهم وشهرتهم، عن رضا الله تعالى، وعن حسابات الآخرة، وموازين الشريعة.

هؤلاء لا يؤتمنون على كتابة السيرة النبوية الشريفة وبقية التاريخ الإسلامي، ولا أي من فروع الدراسات الإسلامية، تأليفا أو دروسا أو تحاضرا أو مجالسا أو تقديما أو شرحا أو تناظرا منها.

<<  <   >  >>